هذه المدونه ليست موقعا يؤرخ لأديبنا العظيم نجيب محفوظ ويسرد سيرته و يعدد أعماله وجوائزه .. انما هي مجموعه من المقالات المتنوعه لعدد من الكتاب المختلفين تعكس بين سطورها محفوظ الأنسان .. أراءه في الحياه .. جوانب من فكره المستنير و ذكرياته حتى أحلامه التي تنبض حكمه .. هذه المدونه تحية حب للرجل الذي أنار لي بفكره وشخصيته الفذه أ بعادا جديده في الحياه لم أكن لأعرفها لولاه .. صدق الفنان نورالشريف عندما قال في احد المقالات .. أنا مؤمن أن الناس لن يدركوا قيمة محفوظ الحقيقية إلا بعد خمسين سنة من الآن، لان كل ما يقال عنه حاليا لا يفيه حقه ككاتب. وحتى تحب نجيب محفوظ فعليك التعامل معه كشيخ طريقة وليس مجرد أديب

انه نجيب محفوظ‏..‏ واحد من اولئك البشر الذين ما ان يصادفهم المرء حتي تكتسب حروف الكلمات بشاشه ودفئا‏..‏ فالرجل الذي احتفي به العالم كله وسلطت عليه الاضواء كما لم تسلط علي اديب مصري من قبل‏,‏ واطلق عليه النقاد الاجانب القابا من قبيل بلزاك مصر وتشيكوف العرب وزولا النيل‏,‏ والذي طور شكل ولغه الفن الروائي العربي لم ينتبه الغرور قط ولم يغير من عاداته اليوميه ولا جولاته في شوارع المحروسه‏,‏ وعلي شاطيء نيلها بعد فوزه بجائزه نوبل او عقب تلقيه للتهديدات بالاغتيال عقب ان كفره شيوخ الارهاب‏..‏ ظل نجيب محفوظ بدماثه خلقه وادبه الجم وتواضعه الشديد يدا ممدوده مرحبه وهامه جليله‏,‏ ووجها سمحا ينحني قليلا للامام عند مصافحته لاي شخص او عند مجاهدته لالتقاط الحروف المتلاحقه علي شفاه الاخرين‏..

سناء صليحه
ثقافه و فنون

30‏/09‏/2008

النيل في العيد


الاستاذ نجيب محفوظ‏:‏ كانت احدي فسحي المفضله في الصغر وقت الاعياد الخروج الي النيل‏,‏ وبرغم انني ولدت في حي شعبي بعيد عن شاطئ النيل‏,‏ الا انني تربيت علي عشق النيل منذ الصغر‏,‏ حتي كدت اقدسه مثل المصري القديم‏,‏ فقد كانت والدتي حين تصحبني للفسحه تاخذني الي شاطئ النيل تماما كما كانت تاخذني لمشاهده الاثار القديمه والمتاحف واضرحه الاولياء‏,‏ فقد كانت والدتي مغرمه بالخضره والمياه‏,‏ وكانت نظرتها للنيل مثل نظرتها للاثار بها مسحه من التقديس‏,‏ لذلك فقد بهرت بالنيل منذ الصغرومازلت اذكر كيف كنت اتدلي من سور كوبري ابوالعلا لاتفرج علي تدفق مياه النيل‏,‏ بينما تمسك والدتي بي حتي لا اسقط في الماء‏.‏

وفي مرحله الشباب اثناء دراستي الجامعيه كانت نزهتي المفضله في العيد انا واصدقائي هي الخروج في نزهه نيليه بالمراكب الشراعيه في ساحل روض الفرج‏,‏ وقد كنا نستاجر قاربا كبيرا يسع ما يقرب من عشرين شخصا من ساعه الغروب وحتي الفجر بخمسين قرشا‏,‏ لكننا كنا نتقاسمها فيما بيننا حتي لا تكون التكلفه باهظه‏
محمد سلماوي

المدخن القديم


واسال الاستاذ نجيب محفوظ‏:‏ كم سيجاره تدخن يوميا الان؟
فيقول‏:‏ ثلاث‏..‏
اقول‏:‏ اعلم انك مدخن قديم فمتي بدات التدخين؟
فيجيب‏:‏ بدات التدخين في بدايه مرحله التعليم الثانوي‏,‏ كنا في ذلك الوقت نسكن العباسيه‏,‏ وكنت اخفي السيجاره واذهب الي ارض خلاء كنا نلعب بها الكره لاخلو الي نفسي وادخن‏.‏
ثم يقول ضاحكا‏:‏ انا مدخن قديم‏..‏ فلي الان مايقرب من سبعين سنه وانا ادخن‏.‏
اقول‏:‏ لكنك مدخن معتدل‏.‏
فيجيب‏:‏ انني اتعجب ممن يدخنون علبتين او ثلاث في اليوم‏,‏ فالسيجاره عندي مزاج وانا لا ادخن سيجاره من وراء سيجاره لاني لا ادخن الا اذا اشتقت للسيجاره حتي استمتع بها‏,‏ لذلك يجب ان تمضي فتره مابين السيجاره والاخري‏.‏
ثم يقول‏:‏ هناك من لايدخنون بل يعفرون وهناك من يدخنونها عصبيه‏..‏ لكني ادخنها استمتاعا‏,‏ وقد كان بعض الاصدقاء يهزاون لذلك قائلين انني انظر الي ساعتي قبل ان اشعل السيجاره حتي اتاكد انه قد حان موعدها‏..‏
واسال‏:‏ واقصي ما وصلت اليه في حياتك كان كم سيجاره في اليوم الواحد؟
فيقول‏:‏ علبه كامله‏,‏ لكن ذلك كان حاله استثنائيه‏.‏
ثم يشعل الاستاذ سيجاره وهو يقول‏:‏ لقد بدات بالشيشه التي تعلمتها في قهوه الفيشاوي‏,‏ وكنت في بعض الاحيان اذهب الي حديقه الازبكيه واقطع تذكره كانت تسمح لي بطلب فكنت ادفع فرق قرش صاغ فوق ثمن التذكره لادخن الشيشه وكانت شيشه معتبره‏!!‏

محمد سلماوي

يوم في حياتي


سال الصحفي الاجنبي اديبنا الاكبر كيف يمضي يومه الان؟ كيف يبداه وكيف ينهيه ؟
فقال‏:‏ يبدا يومي بزياره يقوم بها كل صباح صديق لي ليقرا لي الصحف فانا لم اعد استطيع القراءه بنفسي كما كنت افعل في السابق بسبب ضعف بصري‏,‏ وهو يمضي معي ساعتين تقريبا الم خلالهما بما يجري من حولي سواء في مصر او في الخارج‏...‏ وبعد ذلك اما يزورني طبيب العلاج الطبيعي الذي يقوم بعلاج يدي اليمني‏,‏ او اقوم بالتدريبات التي حددها لي التي من ضمنها ان اعود يدي علي الكتابه لمده نحو نصف ساعه يوميا‏,‏ ولقد حققت تقدما كبيرا منذ بدات هذه التدريبات قبل نحو ست سنوات حين وقع لي حادث الاعتداء‏,‏ فوقتها لم اكن استطيع تحريك ذراعي اليمني علي الاطلاق‏,‏ اما الان فاني استطيع الكتابه بلا مشقه كبيره‏,‏ وان كنت لا استطيع ان اطيل جلسه الكتابه لاكثر من نصف ساعه في كل مره‏.‏
ثم يواصل الاستاذ‏:‏ اما بعد الظهر فان بعض الاصدقاء اتطلع اليها بكل شوق فقد اصبح هولاء الاصدقاء قد يمرون علي ليصطحبوني الي جلسه اصدقاء هم عيني واذني فعن طريقهم اري ما يحدث في العالم واسمع عما يجري‏,‏ فهم بمثابه الراديو والتليفزيون والانترنت والكتاب وكل شييء‏,‏ ثم اعود في المساء فاتناول العشاء واتناول حبوب النوم وانتظر ان تفعل مفعولها فانام وفي معظم الاحيان هو نوم متقطع‏,‏ الي ان اترك سريري في اليوم التالي نحو الساعه الثامنه صباحا‏.‏
ثم يختتم الاستاذ كلامه قائلا‏:‏ وهذا البرنامج اليومي قد يبدوا لك رتيبا‏,‏ لكني في الحقيقه راض عنه تماما وممتن بكل من ياتوني او ياخذوني اليهم فبدون هذه الصحبه كانت الحياه ستفقد الكثير من معناها بالنسبه لي

محمد سلماوي

قاهرتي بين الامس واليوم



قال جيوسبي فيدتي الصحفي بجريده لاربوبليكا الايطاليه لنجيب محفوظ

لقد عايشت القاهره قرابه قرن كامل من الزمان هو القرن العشرون الذي كان من اكثر فترات
التاريخ المصري الحديث خصوبه‏,‏ فما هو في رايك العصر الذهبي في عمر القاهره خلال ذلك
القرن؟

قال الاستاذ نجيب محفوظ‏:‏ فتره النهضه التي ولدتها ثوره‏1919,‏ ففي ذلك الوقت كان كل شيء ينتعش ابتداء من الشعور الوطني الي الادب والموسيقي‏,‏ كما شهدت تلك الفتره ايضا المولد الحقيقي للديمقراطيه الحديثه في مصر‏.‏

فساله الصحفي الايطالي‏:‏ وما الذي تفتقده في القاهره الان بعد ان قلت حركتك ولم تعد تتجول فيها مثلما سبق؟

قال علي الفور‏:‏ حي الحسين‏,‏ فقد كان هذا هو الحي المفضل بالنسبه لي‏,‏ وكنت لا يمكن ان يمر
علي اسبوع واحد دون ان اذهب الي حي الحسين‏,‏ حيث عبق التاريخ في الازقه والحارات‏,‏ وفي محلات العطاره والمقاهي‏.‏

قال الصحفي الايطالي‏:‏ لكنهم يقولون ان احياء القاهره قد تغيرت كثيرا في السنوات الاخيره‏,‏ فربما لو زرت حي الحسين الان لوجدته مختلفا؟
فرد عليه الاستاذ نجيب‏:‏ لا‏,‏ الحسين لا يتغير‏,‏ قد تتغير الاحياء الاخري لكن الحسين حي قديم‏,‏ فمنذ نشا ومسجد الحسين في مكانه والشوارع والحواري المحيطه به كما هي‏,‏ قد تغير بعض المحلات من نشاطها التجاري‏,‏ وقد تقوم عماره جديده هنا او هناك علي مشارف الحي‏,‏ لكن الحي نفسه حي اصيل لا يتغير مع الوقت‏,‏ ومما يحزنني انني لا استطيع زيارته الان‏.‏

ارض مولد النبي‏


قال لي الاستاذ نجيب محفوظ‏:‏ اعادتني تهنئتك لي بالمولد النبوي الشريف الي عهد الطفوله حين كان هذا اليوم من اهم ايام السنه بالنسبه لنا‏,‏ فقد كان يوما ترفع فيه كل الحواجز التي كانت مفروضه علينا وتلغي كل الممنوعات‏,‏ فكنا نخرج كما نشاء لنلعب‏,‏ وكنا نتاخر في العوده دون التقيد بمواعيد‏.‏

واذكر اننا حين انتقلنا الي العباسيه كانت هناك ارض فضاء كبيره كنا نسميها ارض مولد النبي‏,‏ لان احتفالات المولد كانت تقام فيها كل سنه‏,‏ حيث كانت تنصب السرادقات وكانت فرق الانشاد الديني والذكر تقدم فنونها طوال الليل‏,‏ فتنشد المدائح النبويه وتقدم ارقي الفنون‏.‏

لقد كانت الدوله تهتم في الماضي بهذه المناسبه اهتماما كبيرا‏,‏ فكانت تشارك في الاحتفال جميع الوزارات‏,‏ فتقدم كل وزاره سرادقا خاصا بها تتباري من خلاله مع بقيه السرادقات في تقديم فنون المدائح والاناشيد النبويه‏,‏ وكان موظفو كل وزاره يذهبون الي سرادق وزارتهم مع اسرهم‏,‏ ويقومون بتشجيع الفرق المشاركه في الاحتفال‏.‏

لقد انطبعت في ذهني منذ الصغر موسيقي هذه الاحتفالات والانشاد الجميل الذي كانوا يقدمونه من عام الي عام‏,‏ ولقد توقفت كثيرا عند ما كانت تقدمه فرق الصوفيه بالذات‏,‏ لما كان فيه من بعد فني فلسفي يخلب الالباب‏.‏
اني اذكر علي سبيل المثال انني اول ما عرفت محمد عبدالوهاب كان في هذه السرادقات‏,‏ حيث كان يتردد عليها ويقوم بغناء المدائح النبويه بهذه المناسبه‏,‏ باعتباره منتميا للطريقه الصوفيه‏,‏ وكانوا يقدمونه بحفاوه كبيره من جانب الجمهور‏,‏ فيقدم بعض الاناشيد النبويه ثم يدخل علي اغنيه احب اشوفك كل يوم‏,‏ قاصدا الرسول عليه الصلاه والسلام‏.‏

ثم يضيف الاستاذ‏..‏ ولم تكن المناسبه قاصره علي هذه الاحتفالات الفنيه وحدها‏,‏ بل كانت هناك مثلا الالعاب الناريه التي كنت اشاهدها في السماء كل سنه فانبهر بها اشد الانبهار‏,‏ وانا لا اذكر انني شاهدت طوال حياتي العابا ناريه بهذه العظمه في اي مناسبه اخري‏

محمد سلماوي

المقاهي‏..‏ مستودع للابداع



سالت الاستاذ عن احب المقاهي الي قلبه‏,‏ فقال‏:‏ ان هذا السوال يساوي تماما السوال عن احب اعماله الي نفسه‏,‏ فقد ارتبط محفوظ عاطفيا بالمقاهي التي كان يرتادها في مراحل مختلفه من حياته‏,‏ والتي كان اولها هو مقهي قشتمر‏,‏ الذي مازال موجودا والذي اطلق محفوظ اسمه علي اخر روايه كتبها وفاز بجائزه نوبل اثناء نشرها مسلسله في الاهرام‏.‏

ويروي الاستاذ ان مقهي قشتمر بالعباسيه‏,‏ والذي يعتقد محفوظ انه اتخذ اسمه من احد وزراء المماليك‏,‏ لم يكن يبعد كثيرا عن مقهي عرابي الشهير الذي كان يرتاده الادباء الكبار من الجيل السابق لمحفوظ‏,‏ لذا لم يجرو جيل محفوظ علي ارتياده الا بعد ان رحل جميع افراد ذلك الجيل‏.‏

ورغم ان قشتمر يحتل مكانا فريدا في التاريخ المحفوظي باعتباره اول مقهي يرتاده محفوظ بشكل منتظم‏,‏ فان من اكثر المقاهي التي ارتبط بها محفوظ وجدانيا مقهي الفيشاوي بخان الخليلي‏,‏ والذي لم يكن يرتاده الا في رمضان‏,‏ حيث كان يدور فيه السمر من بعد الافطار وحتي امساك فجر اليوم التالي‏,‏ لكن هذا المقهي كان في ذلك الوقت يحتل اضعاف المساحه التي يحتلها الان‏,‏ فقد كان من اكبر مقاهي المدينه‏,‏ وقد روي لي احد اصحاب المقهي قبل رحيله انه لن ينسي ابدا احدي امسيات شهر رمضان حين حضر الي المقهي احد المتخصصين في القافيه‏,‏ والذي لم يكن يجاريه احد‏,‏ وان نجيب محفوظ دخل له قافيه كما كان يقال وظل طوال الليل يرد عليه باقوي مما كان ياتي به وينهي قوله كالمعتاد بعباره اشمعني؟‏,‏ الي ان ادرك الرجل انه هزم هزيمه نكراء فلم يعد ياتي الي المقهي بعد ذلك‏.‏

محمد سلماوي

الجماليه



:‏ لقد عشت في حي الجماليه اعز سنوات الطفوله‏,‏ لكنها للاسف لم تدم طويلا‏,‏ ففي العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي كانت معظم احياء القاهره القديمه تشهد عمليه هجره الي الاحياء الحديثه وبدات معظم العائلات تنتقل شمالا‏,‏ وهكذا تركنا بيتنا القديم وانتقلنا الي منزل حديث بحديقه في حي العباسيه بينما انتقلت عائله تيمور مثلا التي جاء منها احمد باشا ومحمد ومحمود بالاضافه لعائشه التيموريه الي حي الحلميه‏,‏ ولقد كانت نصف العائلات التي سكنت العباسيه مثلنا قادمه من الجماليه ودرب ارمز ومنها عائلات الخربوطلي والسيسي والمهيلمي‏.‏

وسالت الاستاذ‏:‏ ماذا كان شعورك انذاك؟
فقال‏:‏ لقد كانت اسرتي سعيده ان ننتقل الي احد احياء اولاد الذوات في ذلك الوقت‏,‏ لكن ما ان استقر بنا الوضع في العباسيه حتي بدا يزداد عندي حب الجماليه وبدا حنيني للحي القديم فبدات اعود لزيارته كلما استطعت‏,‏ لان جمال الحي الجديد لم يستطع ان ينسيني الحي القديم وبدات اخذ اصدقائي الجدد في العباسيه لافرجهم علي الجماليه‏,‏ وقد انتهي بهم الامر الي حب الجماليه مثلي‏,‏ وكنا حين نخرج نذهب الي الجماليه‏,‏ فامشي بهم في الحواري والازقه القديمه ونزور الحسين ونجلس علي مقاهيه القديمه التي لم امتنع عن زيارتها الا في السنوات الاخيره فقط بسبب ظروفي الصحيه

محمد سلماوي

29‏/09‏/2008

الاهرام نقطه تحول في حياتي‏

كنت قد سمعت من الاستاذ محمد حسنين هيكل انه ظل يطارد نجيب محفوظ سنوات طويله الي ان انضم الي اسره الاهرام‏,‏ فسالت الاستاذ نجيب في ذلك فقال‏:‏ كان اول اتصال لي ب الاهرام في عام‏1957‏ بعد شهور قليله من تولي الاستاذ محمد حسنين هيكل رئاسه تحريره‏,‏ كنت في منزل احسان عبدالقدوس الذي تفضل باقامه حفل علي شرفي بمناسبه حصولي في ذلك العام علي جائزه الدوله‏,‏ وهناك قابلت الاستاذ علي حمدي الجمال‏,‏ مدير تحرير الاهرام الذي قال لي‏:‏ انا اتحدث اليك باسم الاستاذ هيكل وهو يعرض عليك ان تنشر عملك القادم في الاهرام كنت في ذلك الوقت متوقفا عن الكتابه منذ كتبت الثلاثيه فشكرت الجمال وقلت له اعدك بذلك‏,‏ وبعد حوالي سنتين وجدتني اعود للكتابه مره اخري بروايه اولاد حارتنا فكانت هي اول عمل ينشر لي في الاهرام‏

والحقيقه ان الاستاذ هيكل كان يعاملنا باحترام كبير جدا فكان اذا اراد ان يناقش معنا احد الموضوعات صعد الينا بنفسه‏,‏ ولم يحدث ان استدعي احدا منا الي مكتبه‏,‏ في الوقت الذي كان يستدعي فيه الوزراء وكبار المسئولين وكانوا ياتون سعداء‏.‏

والحقيقه ان انتقالي الي الاهرام يمثل نقطه تحول في حياتي‏,‏ فقد كنت قبل ذلك حين اكمل عملا ابعث به الي الناشر ليصدر في كتاب‏,‏ اما الان فكان كل عمل جديد لي ينشر مسلسلا في الاهرام قبل صدوره في كتاب وكان بذلك يصل الي قطاعات جديده من القراء لاتشتري الكتب‏


محمد سلماوي

الحب الاول


سالت الاستاذ نجيب ذات مره عن الحب الاول في حياته‏,‏ فقال لي‏:‏ ان الحب الاول كان حين انتقلت الاسره للعيش في العباسيه‏,‏ وهناك كان يلعب الكره مع ابناء الحي‏,‏ وفي احدي المرات وجد في احدي النوافذ وجها مضيئا كانه يخرج من احدي اللوحات العالميه التي تمثل الجمال في ابهي صوره‏,‏ كان جمال الفتاه صاحبه الوجه خلابا ولم يكن يشبه جمال بقيه بنات الحي‏,‏ بل كانت به سمات غربيه واضحه‏,‏ وعلي الفور وقع الصبي نجيب محفوظ الذي لم يكن عمره يزيد علي ال‏13‏ عاما اسيرا لهذا الوجه‏,‏ فكان يجلس في الشارع امام النافذه ساعات طوالا منتظرا ان يهل عليه كما يهل القمر‏.‏

تلك كانت عين التي تحدث عنها الاستاذ في اعماله‏,‏ والتي كانت حبه الاول فلم ينسها ابدا‏,‏ وقد كان محفوظ حريصا دائما علي الا يبوح باسمها‏,‏ لكني علمت ان الاسم الحقيقي للمعشوقه كان عنايات‏,‏ وقد كانت ابنه احد اكابر حي العباسيه في ذلك الوقت‏,‏ لكن تلك لم تكن المشكله‏,‏ وانما كانت المشكله ان عنايات التي كان الاستاذ كثيرا ما يشبهها بلوحه موناليزا لليوناردو دافنشي‏,‏ في العشرين من عمرها‏,‏ ولذا فسريعا ما تزوجت ممن هو مناسب لسنها كما تزوجت عايده من غير كمال‏,‏ وكما تزوجت عين من غير راوي الحلم‏191‏
محمد سلماوي

سعد زغلول


اكثر المرات التي بدا فيها التاثر علي اديبنا الاكبر نجيب محفوظ فتهدج صوته واغرورقت عيناه بالدمع كانت حين تحدث عن رحيل زعيمه الوطني المفضل سعد زغلول‏.‏

قال‏:‏ لقد كان ذلك هو اسوا يوم في حياتي وساظل اذكره وكانه كان بالامس فقط‏,‏ لقد كان ذلك يوم الثلاثاء‏23‏ اغسطس عام‏1927,‏ كنت صبيا لم ابلغ ال‏16‏ من عمري بعد‏,‏ لكن وجداني كله كان مشتعلا بثوره‏1919‏ وبحب زعيمها سعد باشا زغلول‏.‏

وفي احد الايام عاد والدي الي المنزل ومعه عريضه توكيل سعد باشا نائبا عن الشعب في التفاوض من اجل الاستقلال وقام والدي بتوقيعها امامي كما وضعت والدتي التي لم تكن تكتب ولا تقرا بصمتها ايضا علي العريضه‏.‏

ورغم صغر سني في تلك الفتره فانني كثيرا ما شاركت في المظاهرات المطالبه بالاستقلال وكان زملائي يسقطون حولي برصاص الجنود الانجليز‏.‏

ثم يمسح الاستاذ من عينه دمعه لم يشا لها ان تنهمر وهو يقول‏:‏ لقد كان سعد باشا زعيما وطنيا ليس له مثيل وكانت شخصيته ثريه ومتعدده الجوانب‏,‏ فقد كان قانونيا وسياسيا وكان اديبنا مفوها ومثقفا كبيرا‏,‏ ورغم عقليته الجباره فقد كان صاحب قلب كبير وكان جميع المصريين يعتبرونه والدا لهم يقفون مع من يناصره ويعادون من يعارضه‏,‏ لذلك فقد كان رحيله اقسي علي من رحيل والدي الذي توفي وانا طفل صغير‏,‏ فلم اشعر بفداحه رحيله مثلما حدث عند وفاه سعد وانا شاب‏.‏

حوارات نجيب محفوظ
يكتبها محمد سلماوي

الطربوش


كنا نقلب في بعض الصور القديمه لاختيار بعضها كي نرسلها لناشر الماني كان يريد اصدار مجلد عن حياه الادباء العالميين الفائزين بجائزه نوبل من خلال صورهم‏,‏ ووقعت عيناي علي صوره قديمه للاستاذ نجيب محفوظ في مقتبل شبابه وهو يرتدي الطربوش والبابيون فسالته ماهي حكايتك يا استاذ نجيب مع الطربوش‏,‏ ومتي اقلعت عن ارتدائه؟

قال‏:‏ حكايتي انني كنت حبيسا في هذا الطربوش مثل باقي الشعب المصري‏,‏ فقد كان مفروضا علينا فرضا ومنذ الصغر كان لبس المدرسه الرسمي هو البنطلون الشورت والقميص والطربوش‏,‏ واذكر ان الطربوش كان كثيرا مايضيع مني في المدرسه‏,‏ او كنت انا او احد زملائي نجلس عليه دون ان ندري فنفسده‏,‏ وكان اكثر مايضايقني هو حين اضطر لكيه‏.‏

ولقد تصورت انني حين اكبر لن يمثل الطربوش لي مشكله مثلما كان وقت المدرسه‏,‏ لكن الحقيقه انه كان يمثل لي الازعاج نفسه في الكبر‏,‏ فلم يكن من الممكن ان ادخل علي مديري في العمل دون ان يكون الطربوش علي راسي‏,‏ ولاكان المدير نفسه يستطيع ان ياتي الي العمل بدونه والا تعرض للاستهجان وربما للاستهزاء ايضا‏,‏ ومع ذلك فلم يكن الطربوش مفيدا في شيء فقد كان يجعلني اتصبب عرقا في الصيف دون ان يحمي وجهي من الشمس مثل البرنيطه‏,‏ كما انه كان في نظر جيلي يعتبر رمزا للتبعيه الي الاتراك في وقت كانت مصر تسعي للاستقلال عن الامبراطوريه العثمانيه‏.‏

حوارات نجيب محفوظ
يكتبها محمد سلماوي

انا والمظاهرات


قد لايعرف البعض ان الكثير من مشاهد المظاهرات الوطنيه التي صورها كاتبنا الاكبر نجيب محفوظ في الثلاثيه ضمن احداث ثوره‏1919‏ كانت مشاهد حقيقيه عايشها بنفسه وهو طالب حين كان يخرج في المظاهرات مع اصدقائه‏,‏ ولقد روي لي الاستاذ ان اول مره شارك فيها في المظاهرات كانت وهو في ال‏13‏ من عمره‏,‏ وكان ذلك اثناء الخلاف الذي وقع بين سعد زغلول والملك فواد عام‏1924‏ حول الدستور‏,‏ وقال‏:‏ في ذلك الوقت لم اكن اعرف ماهو الدستور لكن دافعي للخروج في المظاهره كان مجرد ان اري سعد زغلول‏,‏ وهكذا خرجنا انا واصدقائي من المدرسه واتجهنا الي ميدان عابدين واخذنا نردد هتافات قاده المظاهره المويده لسعد زغلول‏,‏ لكن حين وصل سعد
باشا بسيارته الي الميدان كان الزحام شديدا جدا فلم اتمكن من رويته‏

حوارات نجيب محفوظ
يكتبها محمد سلماوي

ام كلثوم‏...‏ رفيقه العمر


كثيرا ما تحدث الاستاذ نجيب محفوظ في جلساتنا عن ام كلثوم التي كان لها في نفسه مكانه خاصه يمتزج فيها الفن بالمعزه الشخصيه والطرب بالمشاعر الوطنيه‏,‏ حتي انه اطلق اسمها علي اولي بناته وسمي الثانيه باسمها في احد افلامها‏,‏ ورغم انه لم يلتق بام كلثوم الامره واحده بمناسبه عيد ميلاده ال‏50‏ عام‏1961‏ حين دعاها الاستاذ محمد حسنين هيكل الي الحفل الذي اقامته الاهرام بهذه المناسبه‏,‏ الا انه شاهدها عشرات المرات وهي تشدو علي المسرح‏,‏ وقد روي لي انه كان يواظب علي حضور حفلاتها في مسرح الماجستيك بشارع عماد الدين في العشرينيات من
القرن الماضي وقت كان اديبنا الاكبر طالبا في الصف الاول الثانوي‏

حوارات نجيب محفوظ
يكتبها محمد سلماوي

أماكن روايات نجيب محفوظ



بادرة حضارية مهمة أقدم عليها عبد العظيم وزير محافظ القاهرة بوضع الخطط التي تحيل الملامح التي صورها الأديب الكبير نجيب محفوظ في أعماله الإبداعية إلي مزارات سياحية وثقافية. تضاف إلي معالم التاريخ في القاهرة المعزية. والقيمة الأهم لهذه البادرة أنها تحاول وصل التاريخ بالواقع المعاش. الأصالة بالمعاصرة

يقول د.أحمد درويش إذا كنا نحاول جعل القاهرة المعزية مزارات سياحية. فإن أول ما ينبغي
أن يتجه إليه اهتمامنا هو بعث دنيا نجيب محفوظ. وتخليصها من عشاق الدمامة

إن النظرة السريعة لعناوين أعمال نجيب محفوظ تشي بالقاهرة التي أحبها. وأراد - من خلال شخصيات وأحداث - أن ينقل لنا هذا الحب: بين القصرين. قصر الشوق. السكرية. خان الخليلي. قشتمر. فتوة العطوف. زقاق المدق وغيرها. بالإضافة طبعا إلي الشوارع والحارات والأزقة التي تشكل معالم إبداع نجيب محفوظ في الحسين وبيت القاضي وقبو قرمز والدراسة وغيرها

نحن نستطيع - علي سبيل المثال - أن نضع لافتة نحاسية علي باب مدرسة بين القصرين تشير إلي أن هذه المدرسة تناولها نجيب محفوظ في ثلاثيته الفريدة. الأمر نفسه في البيت الذي ولد فيه محفوظ أمام قسم شرطة الجمالية. وأيضا البيت رقم 10 شارع رضوان شكري بالعباسية الذي أمضي فيه الفنان جانبا كبيرا من حياته
هذا هو التقليد الذي تحرص عليه دول العالم المتقدمة
د. زينب العسال

حلم 104


رأيتني في حي العباسية . أتجول في رحاب الذكريات .وتذكرت بصفة خاصة المرحومة عين . فاتصلت بتليفونها ودعوتها لمقابلتي عند السبيل وهناك رحبت بها بقلب مشوق واقترحت عليها أن نقضي سهرتنا في الفيشاوي - مقهي شهير بالقاهرة - . وعندما بلغنا المقهي . خف الينا المرحوم المعلم القديم .ورحب بنا . غير أنه عتب علي المرحومة عين طول غيابها . فقالت ان الذي منعها عن الحضورالموت . فلم يقبل هذا الاعتذار ، وقال :: ان الموت لا يستطيع أن يفرق بين الأحبة

أحلام فترة النقاهة

رجل صديق ودود


كان نجيب محفوظ يعمل تحت رئاسة يحيى حقي في مصلحة الفنون في الفترة من عام 1955 إلى عام 1956 وهذه العلاقة التي فسرها البعض خطأ وقالوا إن نجيب محفوظ كان يشعر بأنه أديب مشهور ولا يحترم يحيى حقي ووجد محفوظ الفرصة في الاحتفال بمئوية يحيى حقي ليكشف عن هذه العلاقة ويرد على الأقاويل التي تناولتها فقال محفوظ: إنه عندما قرر فتحي رضوان وزير الإرشاد عام 1955 إنشاء مصلحة الفنون وكان يحيى حقي أول وآخر من تولاها كمدير لها قد اقترح حقي أن يأخذ مساعدين له أنا وعلي أحمد باكثير وبدأنا نعمل معه في مصلحة الفنون وهناك ارتبطت به عن قرب واتصلت علاقتي به أديبا بأديب بل إلى ما هو أعمق من ذلك على المستوى الإنساني وإن كنت كموظف ملتزم أقوم لتحيته إذا أقبل وإن كان هو قد أنكر ذلك السلوك مني باعتباري أيضا كبيرا كما كان يقول ولكني كنت أعطي الوظيفة حقها فهو مديري رغم الصداقة والعلاقة الإنسانية لأنني طوال عمري موظف تأدبت بآداب الموظفين وكنت أقف لأناس يحملون الابتدائية القديمة فكيف لا أقف ليحيى حقي؟! وأضاف محفوظ: لمست في يحيى حقي البساطة والتقدمية والإقدام والاستنارة دون أن يدعي أو يزعم شيئا من هذا فقد كان سلوكه يشي به ويدل عليه ولم أره ولو مرة واحده يمارس سلطات الموظفين على مرؤوسية وطوال الفترة التي عشتها مرؤوسا له لم أشعر أنني أعمل مع مدير وإنما هو رجل صديق ودود وكانت حجرتنا بجوار حجرته وكان يترك مكتبه ويأتي إلينا ليتحدث معنا كما كنا نذهب إليه لنتحدث معه وعند مغادرته المكتب وكان قد استقر في مصر الجديدة وكنت ما أزال أقيم في العباسية وكان يصطحبني معه في (الاوتومبيل) الخاص به وينزل في شارع رضوان شكري حيث أقيم ثم يمضي إلى حيث يسكن وكان الحوار يتواصل بيننا في المكتب وفي الاتومبيل في شؤون الأدب والحياة كافة

القاهرة مكتب الجزيرة عتمان أنور

28‏/09‏/2008

فتوات القاهرة


كانت معركة لم تسبق بمثيل من حيث عدد من شاركوا فيها، فالحرافيش أكثرية ساحقة ، وفجأة تجمعت الأكثرية واستولت على النبابيت فاندفعت في البيوت والدور والوكالات رجفة مزلزلة، تمزق الخيط الذي ينظم الأشياء وأصبح كل شيء ممكنا، غير أن الفتوة رجعت إلى آل الناجي، إلى عملاق خطير تشكل عصابته لأول مرة أكثرية أهل الحارة، ولم تقع الفوضى المتوقعة، والتف الحرافيش حول فتوتهم في تفان وامتثال، وانتصب بينهم مثل البناء الشامخ، توحي نظرة عينيه بالبناء لا بالتخريب

هذا جزء من سيرة عاشور الناجي أحد فتوات القاهرة كما ذكره نجيب محفوظ في ملحمةالحرافيش

والفتوات هم البوليس الشعبي الذي كان يحمي القاهرة، بعلم البوليس الرسمي، وكان لكل حارة فتوتها الخاص بها، والذي يزود عن حقوقها، ويجمع من مال أغنيائها ليعطي فقراءها، كصورة شعبية لروبين هود، وكل فتوة يصل إلى منصبه بعد معركة طاحنة تسيل فيها الدماء مع الفتوة السابق له، والمعادي له، باستخدام سلاح الفتوات الشهير النبابيت

ويقول الكاتب والروائي محمد جبريل، صاحب كتاب البطل في الوجدان الشعبي فإن الفتوات كان بعضهم يقوم بفرض الإتاوات وكان بعضهم بلطجية، وبعضهم يقوم بنصرة الفقراء والغلابة

وأشهر من كتب عن الفتوات هو الروائي نجيب محفوظ، وخصص لهم ملحمته «الحرافيش» للحديث عنهم، ورواية تاريخهم، ولأن نجيب محفوظ ارتبط بالحارة، تماما مثل الفتوات، ولأنه عاش عصرهم، فكان من الطبيعي أن نجدهم في العديد من رواياته، مثل أولاد حارتنا، وحكايات حارتنا، والثلاثية، وغيرها

غروب شمس الفتوات في رأي جبريل بدأت في الأربعينيات، وربما بدأ هذا مع حادثة عرابي، فتوة الحسينية الشهير

القاهرة: محمد أبو زيد

عبد ربه التائه


كان أول ظهور للشيخ عبد ربه التائه .. حين سمع وهو ينادي " ولد تائه يا أولاد الحلال " ومن هنا تبدأ الحكاية ، ذلك الولد الذي فقده منذ أكثر من سبعين عاما .. يمثل حلمه الضائع في زحمة الحياة

ومنذ عرفه داوم على لقائه فكان " في كلامه متعة وإن استعصى على العقل أحيانا " . ولعل هذا الوصف لـ " عبد ربه التائه " يكون بمثابة المقدمة حتى لا يفاجأ القارئ بمقولاته وتصرفاته وطبيعة تركيبته التي بناها نجيب محفوظ ، وكأنا به يقدم صورة عن الحياة بكل ما فيها مجسدة بهذا الشيخ الذي ينطق بالحكمة والمعرفة والفلسفة الخاصة به ، والنابعة من تجربة طويلة بالحياة ، ومسيرتها ، بأحزانها ومتاعبها وأتراحها وشقائها وسعادتها .. الخ

وما إن يقبله في صداقته ومجالسه حتى تبدأ المقولات ، وأولها عن الحياة التي يبين فيها الشيخ منهجه ومحور طريقته : " حب الدنيا محور طريقتنا وعدونا الهروب " ، فالحياة عنده " فيض من الذكريات تصب في بحر النسيان ، أما الموت فهو الحقيقة الراسخة " لذلك فهو باحث عن الخلود ، وباحث عن استمرارية الحياة " فلن يكبل الموت من يتذوق طعم الخلود "

ورغم ذلك فهو على قناعة تامة بزوال الحياة ، إلا أن هذا الأمر لن يخفف من إيمانه بها ، فهو عاشق للدنيا ، وللنساء ، والمعرفة ، والغناء ، ويرى " أن من يذم الدنيا إنما يذم ما ران عليها من فساد " ويؤكد على الإرادة والتصميم ، فهو يردد دائما " لا بارك الله في الهاربين ، وعاقبة الجبن عنده أوخم من عاقبة السلامة " . " فحب الدنيا آية من آيات الشكر، ودليل ولع بكل جميل ، وعلامة من علامات الصبر

عامر الدبك

عدد خاص لنجيب محفوظ في النشرة الشهرية لاتحاد كتاب مصر



صدر عدد جديد من النشرة الشهرية لاتحاد كتاب مصر خصصت كلها للراحل نجيب محفوظ، مذكرة جمهوره بحقيقة انه دائما العائش في الحقيقة، فضلا عن أن إبداعه ينطوي على إمكانات ثرية لاعادة اكتشاف جمالياته وجوهره ورسائله المتضمنة فلسفيا أو ظاهرة كواحدة من مستوياتها
ومفاجأة العدد هي إعادة نشر وثائق نادرة هي رسائل شخصية كتبها محفوظ منذ سبعين عاما، وكان قد أرسلها لأعز أصدقاء طفولته د.أدهم رجب الذي أصبح فيما بعد الأستاذ المتفرغ بكلية طب القصر العيني والذي يبلغ من العمر حاليا 101 عام
وتحدث محفوظ في هذه الرسائل عن علاقته بالعقاد وتوفيق الحكيم والنحاس باشا وأم كلثوم والملك فاروق وصلاح أبو سيف، وتدخينه الحشيش في عوامة روايته ثرثرة فوق النيل كما تحدث عن إصابته بالبروستاتا
وتعد هذه الرسائل وثيقة أدبية وسياسية وتاريخية ونقدية واجتماعية وفلسفية ونفسية أيضا. ونوه العدد بقرار اتحاد الكتاب والأدباء العرب برئاسة الدكتور علي عقلة عرسان بتخصيص دورته القادمة في الفترة من 21 إلى 25 نوفمبر القادم لمناقشة أدب نجيب محفوظ. وأعلن الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر أن مجلة ضاد التي يصدرها الاتحاد، ستفرد فقط
لكتابات تتعلق بمحفوظ وأعماله

الوطن

لم يعد هناك ثلاثاء



إذا كانت الدولة لم تفعل شيئا لنجيب محفوظ بعد رحيله ، فماذا فعل حرافيشه. هل ما زالوا يجتمعون حتى الآن؟ هل ما زالوا يحافظون على ذكرى الروائي الرائد الراحل؟ سؤال تطرحه «الشرق الأوسط» على عدد من حرافيشه، فمن يجيب؟

الغيطاني: لم يعد هناك ثلاثاء

* الروائي جمال الغيطاني، رئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» لم يعد يلتقي بالحرافيش كل ثلاثاء، كما كان يفعل إبان حياة محفوظ، ويقول: «لم نعد نلتقي، لكن ما زالت بيننا علاقة. فنحن أصدقاء، يوسف القعيد وعماد العبودي، هما صديقا عمري، وما زلنا نتواصل». ويبرر عدم ذهابه إلى جلسة الثلاثاء بقوله «توقفت عن الذهاب لأنه لم يعد هناك ثلاثاء بالنسبة لي، لأن الثلاثاء كان يعني أن نكون مع الأستاذ نجيب

يبدو الغيطاني حزينا لعدم اهتمام الإعلام بذكرى محفوظ الأولى، ويضيف «يوم ذكرى رحيله خرجت معظم الجرائد بدون أي شيء عنه، مع أن العالم كله ما زال يكتشف محفوظ حتى الآن من جديد، ويتساءل عن سر كتاباته». لكن يبدو أنه ليس بعض أصدقاء محفوظ فقط هم الذين لم يتذكروا ذكرى رحيله، فهناك وزارة الثقافة التي كانت وعدت بمتحف له ولم تنفذه، وهو ما يعلق جمال الغيطاني عليه ساخرا بقوله «ربما لأن وزير الثقافة مشغول باليونسكو

القاهرة : محمد أبو زيد
سبتمبر 2007

26‏/09‏/2008

رياضة المشي


في أثناء سنوات الوظيفة، كنت أنام في الحادية عشر مساءاً وأستيقظ قبل السادسة صباحاً حتى يتسنى لي ممارسة رياضة المشي... تلك الرياضة التي حافظت عليها طوال حياتي. كنت أنزل من ترام العباسية وأسير على قدمي حتى أصل إلى وزارة الأوقاف، مرورا بشارعي سليمان وقصر النيل. وبعد الزواج وانتقالي إلى شقتي الحالية في العجوزة زادت المسافة التي أمشيها. كنت أسير من شارعي الجبلاية والبرج ثم كوبري قصر النيل إلى وزارة الأوقاف. وكانت المسافة تستغرق ساعة يومياً. وبعد المعاش حافظت على هذه العادة، وبدلاً من الذهاب إلى الوزارة كان المطاف ينتهي إلى مقهى على بابا في ميدان التحرير

" في مرحلة الوظيفة كنت أفرغ من عملي في الثانية ظهراً، وأعود إلى البيت لتناول الغداء ثم أستريح لبعض الوقت، ثم أجلس على مكتبي عندما تدق الساعة الرابعة. وأبدأ بالكتابة لمدة ثلاثة ساعات ثم تليها ثلاث ساعات أخرى للقراءات المتنوعة ". بكل المقاييس، أي
إنسان يلتزم بذلك النظام الصارم لابد أن يحصل على جائزة نوبل !! سنة الله في خلقة


بقلم أ.د مصطـفى جــوده

جدل يتجدد: هل أخطأ نجيب محفوظ عندما لم يكتب مذكراته؟


حرمان نجيب محفوظ لنا من سيرته الذاتية لم يمنعه من أن يطل علينا بأطراف منها هنا وهناك فى بعض أعماله أو كما يقول: “أنا موجود بقوة فى رواية (قشتمر) هى نوع من السيرة الذاتية من خلال أربعة أبطال ومصر، وأنا الذى أتكلم وأروى فى رواية “قشتمر
أيضا هناك أجزاء من هذه السيرة فى “المرايا” و “الثلاثية” و “صباح الورد
أماأصداء السيرة الذاتية” فهى تقطير لأصداء بعيدة حاولت استقطارها أو استحضارها من عالم مضي، حاولت أن أجئ به، وما كتبته فى الأصداء إنما هو أصداء كاتب لم يتمكن من كتابة تفاصيل حياته، فلم يبق له غير المعنى العام
أما أين شخصية نجيب محفوظ نفسه من كل ماكتب، فقد اعترف بشكل محدد “أنا كمال عبدالجواد” فى الثلاثية، إنه يحمل خمسين فى المائة من واقعي،ولكن بشكل مروي، ولكن مع ملاحظة أن التركيز الروائى تم على أزمنة العقلية. كما أشعر أنى قريب من عبدالجواد - الأب فى سى السيد فى الثلاثية - فهو منفتح على الحياة فى جميع جوانبها، وهو يحب أصدقاءه ولا يؤذى أحدا عن عمد على الإطلاق، والشخصيتان معا تمثلان نصفى شخصيتي، فعبدالجواد اجتماعى وجاد ومثالي
ثمة اعتراف آخر لمحفوظ يتعلق بتجربته مع الحب والتى عبر عنها روائيا فى قصته مع “عايدة شداد” أو كما يذكر “استطيع أن أقول إن ما كتبته فى “قصر الشوق” يمثل جوهر تلك القصة وهو الحب الأول فى حياته”. وهكذا آثر محفوظ أن يبث سيرته فى فنه لأن المجتمع كان يزداد تحفظا وتزمتا
ثم جاءت الطعنة الغادرة من “سماك” لم يقرأ لمحفوظ حرفاً ليكون ذلك هو القول الفصل لإلغاء أى نوع من التفكير بالنسبة لنجيب محفوظ فى أن يكتب سيرته الذاتية رغم شعوره بقيمته وأهمية دوره فى حياتنا الأدبية والثقافية. إنه كان بين نارين، إما أن يكتبها وتفتح عليه أبواب جهنم من الجهلاء والأغبياء ومحدودى الفهم، وإما ألا يكتب سيرته، وتفتح عليه أبواب المزايدات، فاختار الطريق الأول وهو أخف الضررين، إيمانا منه بأن العمل الأدبى هو الذى يعبر عنه فكريا وذاتيا


جريدة العربي -إبراهيم عبدالعزيز

25‏/09‏/2008

قطار المفاجآت


في عيد الربيع يحلو اللهو ويطيب، وقفنا جماعة من التلاميذ في بهو المحطة بالبنطلونات القصيرة، وبيد كل سلة من القش الملون مملوءة بما قسم من طعام. وكان علينا أن نختار بين رحلتين وقطارين. قطار يذهب إلى القناطر الخيرية ، وآخر يمضى إلى جهة مجهولة يسمى بقطار المفاجآت قال أحدنا

القناطر جميلة ومضمونة

فقال الآخر

- المغامرة مع مجهول أمتع، ولم نتفق على رأي واحد

- ذهبت كثرة إلى قطار القناطر، وقلة جرت وراء المجهول



أصداء السيرة الذاتية

24‏/09‏/2008

نجيب محفوظ.. السياسي بغير الفطرة


بضعة أمتار يخطوها نجيب محفوظ مستندا إلى ذراعي رفيقة عمره، أو إحدى ابنتيه في ممرات مستشفى الشرطة على نيل القاهرة، فيما أخبار الحروب والكوارث التى تصيب النفس بالكآبة، يقرؤها عليه يوميا من الصحف والمجلات حارسه الشخصي محمد فرحات. أطباء وممرضات، يتلصصون على نبض الجسد والروح لأشهر مريض فى مصر، فى مشهد يومي متكرر منذ مرضه ورقوده في الغرفة رقم 612 بالمستشفى، وذلك وسط حالة يغلب عليها الصمت والشرود يعيشها محفوظ «شيخ» الرواية العربية منذ أكثر من شهر، حيث يخضع للرعاية الصحية بعد تعثره وارتطام رأسه بالسرير في بيته المجاور للمستشفى
ولا يسمح بزيارة محفوظ في غرفته بالمستشفى، إلا للمقربين جدا منه، وهم زوجته وابنتاه والكاتب محمد سلماوي، ولوقت محدد، يستعيد معهم ذكرياته القريبة والبعيدة، ويضحك حين يداعبه أحدهم بقفشة. أما بنتاه فإنهما تقضيان الوقت في تلاوة القرآن الكريم عند فراشه، أو تنخرطان في اعداد انواع مختلفة من الطعام الخفيف المسلوق، الذي عادة ما يكون مخفوقا لسهولة هضمه. وحين زاره في المستشفى الأدباء جمال الغيطاني ويوسف القعيد وعبد الرحمن الأبنودي، وأخبروه بدعوات المحبين له خاصة من أهالي «حى الجمالية» حيث ولد وترعرع، وكان مسرحا لعدد من أهم أعماله الروائية، طلب محفوظ من الغيطاني أن يوجه الشكر لهم جميعا، وبعد فترة صمت ـ وكما يروي الغيطاني ـ قال لهم «نفسي أروح الحسين». وحين قرأوا له عناوين الصحف بدا متأثرا وحزينا، وقال «إيه الكارثة اللي في لبنان دي، المفروض العالم يتدخل لإيقاف المذبحة، هذه حرب غير متكافئة وضحاياها من الأبرياء». وصمت قليلا ثم كرر بصوت فيه نبرة حادة وغضب «دي كارثة بكل المقاييس». ولم يفلح الأصدقاء الثلاثة في تغيير مزاج محفوظ. وعند انصرافهم قال لهم بصوت قوي «ادعوا لي». ووسط حالته هذه يتذكر محفوظ طفولته وشبابه وأصدقاءه، ويستعيد صورة ثلة الحرافيش الأولى في أربعينيات القرن الماضي وهم يفترشون حشائش النيل بالجيزة، وينسجون أحلامهم الثقافية والأدبية والفنية التى غيرت الكثير من معالم الثقافة المصرية


القاهرة: جمال القصاص

يوم الخميس


يوم الخميس كان مخصصا في الأصل للقاءين، الأول في مقهي عرابي بالعباسية مع أصدقاء الطفولة والشباب، في نهاية السبعينيات اغلق المقهي وتم تقسيمه الي متاجر، في نفس الوقت كان معظم افراد شلة العباسية قد تولي رحيلهم ومن أمتد به الأجل حتي الآن لم يعد يخرج من بيته لمرض أو شيخوخة، مع بداية الثمانينيات توقف الاستاذ عن الذهاب الي مقهي عرابي بعد اختفاء المقهي نفسه، منذ ان سمح لي بالتردد علي المقهي في منتصف الستينيات، كان يمضي فيه ساعتين بالضبط، من السادسة الي الثامنة، وعندما يحين وقت انصرافه، يمضي سيرا علي الأقدام الي كبابجي شهير قريب من ميدان الجيش، يكون الكيلو في انتظاره ملفوفا. ومن حلواني قريب يأخذ كيلو البسبوسة، يستقل عربة أجرة الي الهرم حيث منزل الكاتب الساخر محمد عفيفي رحمه الله ومقر لقاء الحرافيش لأكثر من ثلاثة عقود، الطريف ان الاستاذ توقف عن احضار الحلوي بعداكتشافه اصابته بالسكر في بداية الستينيات.يوم الجمعة تنقل اللقاء بين اكثر من مكان واستقر حتي السبعينيات في مقهي ريش ثم انتقل الي كازينو قصر النيل، السبت للأسرة، والاحد والاثنين والثلاثاء والاربعاء للكتابة، في شهور الصيف كان الثلاثاء موعدا خاصا للقائه في مقهي الفيشاوي، موعد لا يحضره إلا يوسف القعيد وكاتب هذه السطور

جمال الغيطاني

الموت في هدوء


عدد الخميس ٣١ آب ٢٠٠٦

غاب نجيب محفوظ! رحل بطريقة لم يكن يتمناها
حسن الختام والموت في هدوء هكذا كان يتمنى

وعندما سأله المسرحي محمد سلماوي: ماذا تقصد بحسن الختام؟ صمت قليلاً قبل أن يجيب: “كان لي أخوان مات أكبرهما بالسرطان، وكان يتعذب فى أيامه الأخيرة، بينما أخي الثاني شرب شاياً وأسند رأسه إلى كتفي ومات فى أقل من ثانية. أتمنى أن يكون موتي هكذا هادئاً

لكن محفوظ تعذب بالمرض في أيامه الأخيرة، وهو العاشق للحياة، العاشق للكتابة التي كان التوقف عنها ولو يوم واحداً يعني العذاب الأكبر في حياته. رحل نجيب محفوظ صاحب العقود التسعة وفوقها أربعة أعوام، بعدما هاجمت جسده أمراض الشيخوخة، ليستسلم في النهاية الجسد التسعيني النحيل الذي تكبد مشقة السفر في عالم الرواية طوال عقود وقاوم الشيخوخة تارة والسلطات طوراً، وكتّاب التقارير وصنّاع الطغاة، وسكاكين المتطرفين وكل الصعاب التي كادت تحول بينه وبين الكتابة مراراً

رحيله لا يعني فقط غياب روائي أخذنا إلى أدقّ التفاصيل في الأحياء والحارات المصرية، وعلّمنا كيف تكون الرواية تاريخاً ممتعاً، بل هو غياب لعصر كامل بقيمه، وغياب جيل اكتمل بنيانه الثقافي في ظل ليبرالية حقيقية كان محفوظ آخر رموزها

القاهرة ــ محمد شعير

23‏/09‏/2008

في رثاء شيخ الروائيين



قدم الدكتور يحي الرخاوي قصيدة يرثي فيها محفوظ بعنوان ( لم قلتها شيخي: "كفي"!! ) جاء فيها


لم قلتها شيخي: "كفي"؟
كنا نريدك دائما تخطو جميلا بيننا
كنا نريدك خالدا في قرة العين هنا
كنا نريدك مثل أطفال أبوا أن يفطموا من حلو ما نهلوا عطاءك مثلنا
كنا نريدك نحتمي في دفء بردك من برودة عصرنا
لكن خاتمة الكتاب تقررت، فسمعتها
وكتمتها حرصا علينا
وانسحبت برقة وعذوبة
وتركتنا
لم هكذا؟

فـي أوراق باحثيــن عــــــرب

معركته الحقيقية مع الورق


يقول الفنان التشكيلي محمد الشربيني أحد المقربين من محفوظ : " يتميز نجيب محفوظ بوجه بشوش، وروح مرحه مع أصدقائه، وهو يضفي على مجلسه معهم جوا من المرح والدعابة بقفشاته وتعليقاته اللاذعة، فالجلوس معه متعة بذاتها حتى وإن ظل صامتا
لم يكن محفوظ في أي يوم من الأيام «رجل معارك» في الواقع الأدبي والسياسي في مصر، ولم يقتاد للسجن في أي مرحلة من حياته، وكان حديثه موجزا جدا في السياسة ، وأحيانا رمزي ، وبحسب المقربين منه كان نجيب يؤكد دوما أن معركته الحقيقية مع الورق، مع فعل الكتابة والإبداع نفسه
محيط

التسامح الجميل


يصف نجيب والدته بأنها: "سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب، ومع ذلك كانت مخزنا للثقافة الشعبية.. وكانت تعشق سيدنا الحسين وتزوره باستمرار.. والغريب أن والدتي أيضا كانت دائمة التردد على المتحف المصري، وتحب قضاء أغلب الوقت في حجرة المومياوات.. ثم إنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الآثار القبطية خاصة دير "مار جرجس".. وكنت عندما أسألها عن حبها للحسين و"مار جرجس" في نفس الوقت تقول "كلهم بركة" وتعتبرهم "سلسلة واحدة".. والحقيقة أنني تأثرت بهذا التسامح الجميل لأن الشعب المصري لم يعرف التعصب، وهذه هي روح الإسلام الحقيقية".
موقع نجيب محفوظ

18‏/09‏/2008

محفوظ النيل ونيل محفوظ



السادسة صباحًا بجوار النيل الذي أحبه وإقامته في عوامة بعد زواجه لمدة سنة، ثم سكنه على مقربة منه، محفوظ النيل ونيل محفوظ، شراؤه الصحف، استقراره في مقهى ريش، مقهى جروبي، مقهى علي بابا

في هذه المقاهي قرأ الصحف، كتب برقيات العزاء أو التهاني، دون بعض الملاحظات، أمسيات مقهى عرابي، رائحة التنباك المنبعثة من النرجيلة التي تعلمت تدخينها منه ثم توقفت عنها

ضحكاته المجلجلة مع صحبة أصدقاء الطفولة من شلة العباسية، سعينا في حواري الجمالية احترامي لحظات صحبته بمقاهيها العتيقة عندما يستعيد زمنه الخاص
لا أتكلم إلا إذا تحدث هو

محبة الناس له، مشيه بينهم، يرد التحية لهذا، يصافح ذاك، لا يرد أي إنسان، صبر عجيب، تواضع جم، سماحة لم أعرف مثيلاً لها

لحظة تناوله الطعام كل ثلاثاء بصحبتنا، طعام الزهاد، قطعة جبن أبيض، شريحة طماطم، قرص طعمية، فقط لا غير

جمال الغيطاني في نجيب محفوظ

الرجل القوي العذب أسطورة


لقد أحببت شخص نجيب محفوظ حبا كبيرا، وأحببت فيه عطفه على البشر والأشياء ، وهو جانب لاح فيه بقوة أكثر حين تخطى السبعين . وقد بكيته في صمت ، حين شاهدت صورته مع نبأ وفاته مبتسما بوداعة وأسى ، كأنه يقول للزمن : أعلم أنت ستتغلب علي ، كما تغلبت على كل شئ . وتذكرت عبارة من الثلاثية " لكن الزمان عدو لدود ، للورود

أظن أن نجيب محفوظ هو الشخص الذي وصفه هو في الثلاثية حين قال : " إن الرجل القوي العذب أسطورة " . تبددت الأسطورة ، وظلت لنا منها صفحات أيا كانت فهي قليلة لكنها ستظل تذكرنا بأن الحياة يمكن أن تكون مهيبة ، ومنيرة ، كقبة السماء

لحظة وداع بقلم د.أحمد الخميسي
جريدة مصر الحرة

17‏/09‏/2008

اكلته المفضلة


ذات مره ..
دار حواربين الاستاذ / محمد سلماوى و كاتبنا الكبير/ نجيب محفوظ
فيما يخص اكلته المفضلة
وجاء الحوار كالتالى
"سأل الاستاذ (سلماوى) كاتبنا العظيم - رحمة الله عليه نجيب محفوظ عن اكلته المفضلة فى رمضان
فقال له على على الفور
ودى عاوزه كلام ؟ الفول
طبعا فقد كنت لا آكل غيره , لدرجة ان والدى اصدر امراً عسكريا بأن يكون الفول هو آخر الاطباق على مائدة الإفطار

ولم يكن يسمح لى ان اقربه إلا بعد ان اكل من بقية المأكولات
ويضحك وهو يقول : لكنى كنت لا اتناول من الاطباق الاخرى إلا معلقة او اثنتين بالكاد كى اترك اكبر مكان ممكن لطبق الفول الذى كانت عينى تتعلق به طوال وقت الافطار

ولقد كانو يتفننون فى طرق طهى الفول , مرة بزيت الزيتون والليمون والبقدونس , ومرة مطبوخا بصلصة الطماطم , واخرى بالتقلية

فسأل الاستاذ سلماوى
ألم تكن تأكل الفول إلا فى رمضان ؟
فيجيب نجيب محفوظ
بل كنت اتناوله طوال السنة , فالفول هو احد اكثر الاطباق المحببة الى نفسى حتى اننى تعودت ان يكون عشائى دائماً هو المدمس
منتدى الشباب

المكان في روايته



لموطن المولد والنشأة لدى محفوظ علاقة ارتباط وجداني وموضوعي دفعته لجعل المكان بطلا رئيسياً في أدبه وعن ذلك يقول لم أنقطع عن الحسين يوما إلا عندما أصبح الانتقال صعبا في القاهرة، ولكن قلبي ظل مشدودا إلى الحواري والأزقة والأقبية ظللت متعلقا بالحسين وبحي الجمالية، وكان بيني وبين الناس والآثار علاقة غريبة تثير في عواطف غامضة لم أتخلص منها إلا بالكتابة. والروايات التي تحمل اسماء أماكن معينة كان خلفها الحب الشديد. الموضوع الاساسي هو المكان، واعتقد ان أساس الكتابة أن يكون هناك حب لمكان ما للناس أو الفكرة أو الهدف، وأنا أحن إليها في شيخوختي هذه. الأحياء مثل زوجة فريدة، الأحياء مسرح تجاربي

محفوظ متحدثا عن نفسه

16‏/09‏/2008

حكمة الحياة


يبرز ايمان محفوظ بقيم عليا أولها الحرية والمساواة فيقول في كتاب - نجيب محفوظ في سيدي جابر -وهو محاورات مع محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب مصر- ان "الادب الانساني الراقي يدعو دائما للحرية والمساواة" كما يقول في رواية (ليالي ألف ليلة) ان "الحرية حياة الروح وان الجنة نفسها لا تغني عن الانسان شيئا اذا خسر حريته" كما يرى في أصداء السيرة الذاتية التي كتبها في التسعينيات أن "أقرب ما يكون الانسان الى ربه وهو يمارس حريته بالحق

وتبدو قيمة التسامح في أقوال كثيرة منها "عسى أن يختلف اثنان وكلاهما على حق" كما جاء في رواية ميرامار

وعن رحلة الحياة يقول في رواية (السكرية) مقارنا بين الشباب والشيخوخة "سوف تدول دول وتنقلب أزمان ولم يزل الدهر يتمخض عن امرأة سارحة ورجل جاد في اثرها. الشباب لعنة والكهولة لعنات فأين راحة القلب أين.." ثم يلخص هذا المعنى بعد عشر سنوات في رواية ( ميرامار) قائلا "الشباب يبحث عن المغامرة. الشيخوخة تنشد السلامة" و"ما جدوى الندم بعد الثمانين.." وبعد عشر سنوات يسجل في رواية ( الحرافيش) 1977 أن "السعداء حقا من لا يعرفون الشيخوخة
خلاصة فلسفة نجيب محفوظ من خلال أعماله

14‏/09‏/2008

صاحب فكر منفتح جداً


نجيب محفوظ من مواليد برج القوس الذي يتميز بالحركة
فحتى عندما يكون مرتاحا تجد فكره يعمل بنشاط لذا يبحث دائماً عن كل ما هو مشوق ومثير يحفز فكره الثاقب على العمل
إنه صاحب فكر منفتح جداً. من الصعب أن يتقبل الحواجز التي تعترض طريقه و يعمل على تبديدها أو تخطها بعزم وتصميم للوصول إلى هدفه

شخصية القوس قادرة على التجاوب مع جميع أنواع الناس بمختلف طبقاتهم ومستوياتهم

القوس محترم وجدير بالثقة، صادق، كريم ومخلص، ويسعى دومًا لتحقيق العدل
يساند المظلومين، ويناضل في سبيل القضايا التي يؤمن بها. يسعى دومًا للحفاظ على
استقلاليته

13‏/09‏/2008

الصور المتحركة


هذه الصورة القديمة جامعة لأفراد أسرتي

وهذه جامعة لأصدقاء العهد القديم

نظرت إليهما طويلا حتى غرقت في الذكريات

جميع الوجوه مشرقة ومطمئنة وتنطق بالحياة

ولا إشارة ولو خفيفة إلى ما يخبئه الغيب

وها هم قد رحلوا جميعا فلم يبق منهم أحد

فمن يستطيع أن يثبت أن السعادة كانت واقعا حيا، لا حلما ولا وهما

أصداء السيرة الذاتية

السعادة

رجعت إلى الشارع القديم بعد انقطاع طويل لتشييع جنازة
لم يبن من صورته الذهبية أي أثر يذكر

على جانبيه قامت عمارات شاهقة في موضع الفيلات، واكتظ بالسيارات والغبار وأمواج البشر المتلاطمة

تذكرت بكل إكبار طلعته البهية وروائح الياسمين

وتذكرت الجميلة تلوح في النافذة باعثة بشعاعها على السائرين

ترى أين يقع قبرها السعيد في مدينة الراحلين؟

ويوافيني الآن قول الصديق الحكيم : " ما الحب الأول إلا تدريب ينتفع به ذوو الحظ من الواصلين

أصداء السيرة الذاتية

دعاء



دعوت للثورة وأنا دون السابعة

ذهبت ذات صباح إلى مدرستي الأولية محروسا بالخادمة. سرت كمن يساق إلى سجن. بيدي كراسة وفي عيني كآبة. وفي قلبي حنين للفوضى، والهواء البارد يلسع ساقي شبه العاريتين تحت بنطلوني القصير. وجدنا المدرسة مغلقة، والفراش يقول بصوت جهير

بسبب المظاهرات لا دراسة اليوم أيضا

غمرتني موجة من الفرح طارت بي إلى شاطئ السعادة ومن صميم قلبي دعوت الله أن تدوم الثورة إلى الأبد‍
أصداء السيرة الذاتية

محفوظ، تجاهله النقاد ثم قتلوه بحثا


لم يعترض محفوظ على أي اجتهاد لناقد في تفسير أعماله التي احتملت كل ألوان التأويل من أقصى اليمين حيث يقف التيار المحافظ الى أقصى اليسار حيث يتحمس نقاد ماركسيون

وكان دائما يقول ان دوره ينتهي بنشر العمل الذي يصبح من حق النقاد والقراء ولهم أن يقولوا فيه ما يشاءون. ويرجح نقاد أن هذا الموقف من محفوظ كان شديد الذكاء بعد طول تجاهل لاعماله الاولى

وبعد حصوله على جائزة نوبل عام 1988 اعترف محفوظ للناقد المصري غالي شكري قائلا "لقد انفعلت بأول مقال كتب عني حوالي عام 1948 ربما بقلم سيد قطب
اتحاد كتاب الانترنت العرب

مقهى ريش


لم يبق من مقهى ريش, في القاهرة, أشياء كثيرة, مما كان في العهود التي شهدت حضور نجيب محفوظ وسط ذلك المكان, فقد شاء أصحاب المكان أن يدخلوا تغييرات عديدة, وحديثة, ربما بدلت كثيرا من المعالم التي كانت تميز ذلك المقهى الشهير, الذي ارتبط باسم الروائي الكبير, في واحدة من الاستثناءات النادرة في التاريخ

وقد لا يتمكن الزائر العجول العابر من تلمس آثار الرجل, أو لا يستطيع السائح المتفرج أن يلتقط الصور الصالحة لألبوم الذكريات.غير أن من يعرف نجيب محفوظ الروائي, سيكون على يقين من أن التغييرات في معالم الأمكنة ليس بوسعها أبدا أن تمحو التاريخ الحي . فاسم ريش سيظل يقتات, إلى الأبد, حتى لو تهدم المكان, وأزيل البناء من الوجود, من اسم الروائي الأكبر في الأدب العربي, ومن ثنايا رواياته, التي تردد فيها ريش, مثلما ترددت أسماء مقاه أخرى مثل" جروبي", زرناها, وافترضنا لوهلة أننا جماعة من الشخصيات المحفوظية التي جلست هناك ذات يوم. لكن المقاهي لم تكن سوى فرصة للشخصيات والأحداث, والحقيقة أن القاهرة بأكملها كانت مكانا لوجودها
ورحل نجيب الرواية العربية

محفوظ والجرائد تحت إبطه


ومن عادات الأديب نجيب محفوظ أنه كان معتاداً أن يذهب في الثامنة صباحاً الى ميدان التحرير ليشتري الصحف.. ثم يجلس على مقهى علي بابا بميدان التحرير ليشرب فنجان القهوة..ثم يأتي اليه سائقه ليستقل معه السيارة الى الاهرام، ويحضر الحاج صبري في تمام الساعة التاسعة صباحاً ليقرأ له الصحف، ونذكر هنا أن الحاج صبري أشار الى عادة للأديب محفوظ أنه لم يكن يمشي دون أن يكون هناك دوسيه تحت إبطه وتغير مع الوقت الى مجموعة الجرائد التي كان يشتريها بالرغم من أن الاهرام كان يرسل الى مكتب محفوظ مجموعة كاملة من الصحف، كان الأديب محفوظ يقرأ عناوين كل الصحف ثم يحدد بالقلم على الموضوعات التي يريد من الحاج صبري أن يقرأها له كاملة، ويقول الحاج صبري أنه لم يكن يترك مجالاً إلا ويطلب منه أن يقرأ له فيه.. حتى صفحات الرياضة، وكان عادة يبدأ بصحيفة الاهرام بناء على طلب محفوظ.. كان يطلب منه أن يقرأ له معظم المقالات الموجودة في صحيفة الاهرام وخاصة مقالات فهمي هويدي، سلامة أحمد سلامة، مكرم محمد أحمد، أحمد بهجت، صلاح منتصر، كما كان شديد الحرص على قراءة بريد الاهرام ليتعرف على مشاكل الناس...وذكر أن الاديب محفوظ كان دائم التعليق أثناء قراءة المقالات إلا أنه في القترة الاخيرة كان يظل صامتاً....وظل الحاج صبري يقرأ لمحفوظ الصحف في منزله بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال.. وحتى أثناء وجود الاطباء وهم يجرون له العلاج الطبيعي، كما ذكر أن الاديب محفوظ بدأ يدرب يده على الكتابة بعد حادثة الاغتيال بكتابة عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم
بصحبة نجيب محفوظ

الفنان نور الشريف: لكي تحب نجيب محفوظ فعليك التعامل معه كشيخ وليس مجرد أديب


الفنان نور الشريف أكد لـ«الشرق الأوسط» انه لا يعتبر نفسه من عشاق نجيب محفوظ فقط، إنما من مريديه. وتابع لقد تعاملت مع أصعب روايات محفوظ؛ ومنها الثلاثية التي شهدت مولدي الفني، وكانت أفضل تقديم لي للسينما العربية والمصرية، وقلب الليل والشيطان يعظ. وأنا مؤمن أن الناس لن يدركوا قيمة محفوظ الحقيقية إلا بعد خمسين سنة من الآن، لان كل ما يقال عنه حاليا لا يفيه حقه ككاتب. وحتى تحب نجيب محفوظ فعليك التعامل معه كشيخ طريقة وليس مجرد أديب. وأدعو الله ان يرحمه برحمته
جريدة الشرق الأوسط اللندنية

12‏/09‏/2008

أسطورة في دقة المواعيد


إذن موعد مع نجيب محفوظ: الساعة السابعة والنصف صباحاً في مقهى علي بابا في ميدان التحرير. من يعرف نجيب محفوظ عن كثب يعرف كيفية تقسيم مواعيده. يستقبل أصدقاءه المقربين جداً في بيته. أما اصدقاؤه الأدباء فانه يلتقيهم كل يوم جمعة في كازينو على النيل. اللقاءات الرسمية تتم في مكتبه في جريدة الأهرام. أما نقاشات العمل المركزة فتتم دائماً في مقهى على بابا في الصباح الباكر. فأل خير إذن. نجيب محفوظ أسطورة في دقته في المواعيد وانتظامه. الباعة المتجولون على جسر النيل يضبطون ساعاتهم عليه. أما الناشر الشاب فلم يكن من أصدقاء الدقة في المواعيد والصباح الباكر لم يكن من بين أوقاته المفضلة التي يفعم بها بالنشاط. إذن هناك الكثير للتفكير والتدبير. زحمة القاهرة الخانقة تسبب له صداعاً، لذا وللحيطة تفحص الطريق من الفندق إلى المقهى في الأمسية السابقة، إذ يمكن للمرء أن يضل طريقه بسهولة في هذه المدينة التي هي بمثابة قارة. بكل شجاعة وثقة يدخل المقهى بين غيوم الدخان الكثيف وضجة الأصوات من حوله وهو متأكد من ان ارتباكه واضح على محياه
لوسيان لايتس يتحدث هنا عن أول لقاء له مع الكاتب العربي الوحيد الحائز على جائزة نوبل للآداب.

11‏/09‏/2008

محفوظ الإنسان‏


يكنّ نجيب محفوظ محبة خاصة لتوفيق الحكيم. فبعد رحيل الحكيم خصصت إدارة الأهرام غرفته لمحفوظ، لكنه رفض الجلوس مكان الحكيم، بل التزم مقعده الدائم أمام المكتب، وظل كرسي الحكيم شاغراً. ودائماً ما كان محفوظ يصف «عودة الروح» للحكيم بأنها كانت فتحاً أدبياً بالنسبة للرواية العربية.‏

الفرات

بقلم : بريتى سينج



عندما نظرنا إلى يسارنا كما تعودت أمينة أن تفعل كل ليلة ، وجدنا المآذن لا تزال مرتفعة كما تراها الآن ، تتعامد ظلالها فى زوايا نحو السماء فوق الشارع الضيق المزدحم حيث لازالت البيوت هناك ، متعانقة فى غير وفاق على جانبى الطريق مثل صف من الجنود يقف فى تراخ ، غير انه لم يعد هناك ثمة احتمال لرؤية السيد أحمد عبد الجواد يعود فى عربة حنطور ، تسبح مصابيحها فى الظلام ، كما أكد لنا جمال الغيطانى كذلك لم يعد الكتاب والسبيل يستخدمان اليوم ، زحف التغيير بلا شك إلى المنطقة ، ولكننا وجدنا الكثير هناك لا يزال على نفس الصورة التى رأها نجيب محفوظ ، واقفا فى شهادة بليغة على الأسلوب الرائع الذى تحولت خلاله
أماكن تعيش على ارض الواقع إلى أماكن جرت فيها أحداث روايات نجيب محفوظ الرئيسية
جولة فى قاهرة نجيب محفوظ

ومن زعماء القافية من حي الجمالية كان الأديب الكبير «نجيب محفوظ» عملاق الأدب العربي، وقد قلده هذه الزعامة الحاج فهمي الفيشاوي، صاحب القهوة، في الثلاثينيات من القرن العشرين، وكان الحاج فهمي فتوة الجمالية وعنه أخذ نجيب محفوظ شخصية الفتوة الشهم، الذي يحمي الضعفاء من الظلم، وأيضا شخصية السيد أحمد عبدالجواد (سي السيد) في الثلاثية. وقد نصح محفوظ الفنان الراحل يحيي شاهين بالاقتراب من الحاج فهمي دون أن يشعره بذلك، حتي يتقمص شخصيته في السينما، واستمر شاهين يراقب الحاج فهمي في سكناته وحركاته مدة شهر كامل، حتي استلهمها تماما... المصرى اليوم

10‏/09‏/2008

مقهي الفيشاوي


اغسطس 1967
مقهي الفيشاوي

وقائع يونيو تخيم علينا، وعلي نفوسنا، وأحوالنا، كان علي غير عادته قد أبدي رغبة في لقائنا بمقهي الفيشاوي. وهكذا سنحت فرصة إضافية للقاء خاص به، يقصده عدد محدود جدا من الاصدقاء.كنا ثلاثة، يوسف القعيد والمرحوم اسماعيل العادلي.تحدثنا فيما جري، وفيما يمكن أن يجري، فجأة قال..'شوفوا ياجماعة..'تطلعنا اليه
حقول لكم رأيي وانا عارفه انه ممكن يزعجكم ازداد اصغاؤنا. قال'اذا كنا مش قادرين نهزم اسرائيل عسكريا، يبقي نحاول ندور علي وسيلة للصلح..'وتطلعنا اليه ذاهلين.كان ذلك في اغسطس عام سبعة وستين.


الصداقة في كمالها وأبديتها



بدؤوا التعارف عام 1915م في فناء مدرسة البراموني الأولية دخلوها في الخامسة وغادروها في التاسعة، ولدوا عام 1910م في أشهر مختلفة ولم يبرحوا حيهم حتى اليوم، وسيدفنون في قرافة باب النصر، تضخمت جماعتهم بمن انضم إليهم من الجيران، جاوزوا العشرين عداً، ولكن ذهب من ذهب بالانتقال من الحي أو بالموت، وبقي خمسة لا يفترقون ولا تهن أواصرهم، هؤلاء الأربعة والراوي التحموا بتجانس روحي صمد للأحداث والزمن، حتى التفاوت الطبقي لم ينل منهم، إنها الصداقة في كمالها وأبديتها، الخمسة واحد، والواحد خمسة منذ الطفولة الخضراء وحتى الشيخوخة المتهاوية حتى الموت".
على مقهى قشتمر