هذه المدونه ليست موقعا يؤرخ لأديبنا العظيم نجيب محفوظ ويسرد سيرته و يعدد أعماله وجوائزه .. انما هي مجموعه من المقالات المتنوعه لعدد من الكتاب المختلفين تعكس بين سطورها محفوظ الأنسان .. أراءه في الحياه .. جوانب من فكره المستنير و ذكرياته حتى أحلامه التي تنبض حكمه .. هذه المدونه تحية حب للرجل الذي أنار لي بفكره وشخصيته الفذه أ بعادا جديده في الحياه لم أكن لأعرفها لولاه .. صدق الفنان نورالشريف عندما قال في احد المقالات .. أنا مؤمن أن الناس لن يدركوا قيمة محفوظ الحقيقية إلا بعد خمسين سنة من الآن، لان كل ما يقال عنه حاليا لا يفيه حقه ككاتب. وحتى تحب نجيب محفوظ فعليك التعامل معه كشيخ طريقة وليس مجرد أديب

انه نجيب محفوظ‏..‏ واحد من اولئك البشر الذين ما ان يصادفهم المرء حتي تكتسب حروف الكلمات بشاشه ودفئا‏..‏ فالرجل الذي احتفي به العالم كله وسلطت عليه الاضواء كما لم تسلط علي اديب مصري من قبل‏,‏ واطلق عليه النقاد الاجانب القابا من قبيل بلزاك مصر وتشيكوف العرب وزولا النيل‏,‏ والذي طور شكل ولغه الفن الروائي العربي لم ينتبه الغرور قط ولم يغير من عاداته اليوميه ولا جولاته في شوارع المحروسه‏,‏ وعلي شاطيء نيلها بعد فوزه بجائزه نوبل او عقب تلقيه للتهديدات بالاغتيال عقب ان كفره شيوخ الارهاب‏..‏ ظل نجيب محفوظ بدماثه خلقه وادبه الجم وتواضعه الشديد يدا ممدوده مرحبه وهامه جليله‏,‏ ووجها سمحا ينحني قليلا للامام عند مصافحته لاي شخص او عند مجاهدته لالتقاط الحروف المتلاحقه علي شفاه الاخرين‏..

سناء صليحه
ثقافه و فنون

26‏/11‏/2008

محمد عبدالوهاب


قال: رأيت محمد عبدالوهاب مرتين. الاولي في الثلاثينات، كنت عائدا من مدينة الملاهي الضخمة التي اقيمت مكان ميدان سفنكس الآن بالمهندسين، كانت مدينة فسيحة جدا، متنوعة. ولا أذكر انني رأيت أضخم منها
في الترامواي اثناء عودتي ركب محمد عبدالوهاب من الزمالك، قلت له.. مساء الخير يااستاذ
قال باختصار
'أهلا..'
جلس في الركن مرتديا طربوشه، وكنت مسرورا برؤيته لانني اعشق صوته 'الطعم' لكننا لم نتبادل كلمة واحدة
في الستينات دعيت إلي بيت الدكتور مصطفي محمود، قابلته علي الغداء ولم نتبادل ايضا الا كلمات محدودة

المجالس المحفوظية

نجمتي المفضلة


الثلاثاء 27 أكتوبر1992
اليوم عيد ميلاد الفنان توفيق صالح الحرفوش القديم. محفوظ يستدعي ذكرياته عن السينما

قال: أول سينما عرفتها في فندق الكلوب العصري القريب من مسجد سيدنا الحسين. كانت فتحا بالنسبة لنا، نطل منه علي عالم خيالي عجيب، الافلام معظمها أجنبية، وكانت الترجمة علي شاشة مستطيلة مجاورة. اذا لم تضبط مع المنظر نصيح اعدل.. اعدل. فيقوم الرجل المسئول عن تشغيل السينما بضبط الترجمة مع المنظر. أما الموسيقي فكانت حية، حيث يعزف لاعب ماهر علي بيانو مجاور للشاشة

أحيانا كنا نذهب مجموعة فنوقظ صاحب السينما ليشغل لنا الفيلم
قال: عرفت سينما اوليمبيا بشارع عبدالعزيز، كان فيه ايضا سينما ايديال وسينما رويال، في نفس الشارع، كانت سينما اوليمبيا تطبع مجلة 'أخبار النجوم' وكانت ماري بيكفورد هي نجمتي المفضلة، قرأت انها تزوجت دوجلاس فبربانكس، في شارع الجيش كانت هناك سينما رمسيس، وسينما مصر. وسينما هوليود، وسينما سهير قرب العباسية، وسينما البلفدير، وسينما بلازا في الظاهر، وسينما الفتح في الجمالية، وسينما جوسيه للأفلام الفرنساوي في عماد الدين

المجالس المحفوظية

ام كلثوم علي الطبيعة


أصغي اليه يتحدث عن ذكرياته القاهرية ومنها أدرك معالمها القديمة، كيف كانت وأعرف كيف أصبحت؟

قال: كانت توجد سينما اسمها 'جوسيه' مكان بنزايون القائم الآن في شارع عماد الدين. سمعت فيها أم كلثوم، كانت تقيم حفلاتها في قاعة السينما، وكانت قادرة علي اسماع قاعة بها ثلاثة آلاف بدون ميكرفون

قال بعد لحيظات صمت: كنت اسمع ام كلثوم علي الطبيعة، واسمع نفس الاغنية علي الاسطوانة، فأجد فارقا كبيرا، طبعا الواقع أروع بكثير

المجالس المحفوظية

15‏/11‏/2008

أديب الحارة


الذي يلعب دور البطل في كل أعماله بمختلف مراحلها الفنية، والمكان الأثير لدى نجيب محفوظ هو الحارة، كما يقول الأديب جمال الغيطاني: "لم أر إنسانا ارتبط بمكان نشأته الأولى مثل نجيب محفوظ، عاش في الجمالية اثني عشر عاما، هي الأعوام الأولى من عمره، ثم انتقل إلى العباسية، لكنه ظل مشدودا إلى الحواري والأزقة والأقبية، إلى الحسين، إلى الجمالية، إلى الناس الذين عرفهم وعرفوه، ثم كان المكان محورا لأهم وأعظم أعماله الأدبية

وتظل الحارة هي محور ما كتبه نجيب محفوظ من أعمال.. غير أن الحارة في رواياته تتخذ أبعادا أخرى لتصبح ملخصا للعالم كله.. فهو لم يصور الحارة تصويرا فوتوغرافيا سطحيا، إنما يمكن القول إنه استوعب جيدا عناصرها ثم فكها وأعاد ترتيبها من جديد
ونلحظ أهمية المكان لديه بداية من أسماء رواياته التي أخذها من أسماء أحياء القاهرة ومقاهيها، ونلحظ أهمية المكان من تأثيره في تصرفات الشخصيات الروائية وعلاقاتها بعضها ببعض وتحديد مكانتها وطبقتها الاجتماعية

والحارة هي الوحدة الأساسية في أحياء القاهرة القديمة، وهى طريق مرصوف تقوم البيوت على جانبيه، ويؤكد محفوظ أن "ما يحركني حقيقة عالم الحارة، هناك البعض يقع اختيارهم على مكان واقعي أو خيالي أو فترة من التاريخ، ولكن عالمي الأثير هو الحارة، أصبحت الحارة خلفية لمعظم أعمالي حتى أعيش في المنطقة التي أحبها

في "الحارة" اختزل نجيب محفوظ العالم، ومن خلالها كتب التاريخ المصري الاجتماعي الحديث، وتطور الفكر الإنساني، حارة نجيب محفوظ بها وحدات مكانية أساسية لعل أهمها التكية والمقهى والخمارة، ودائما ما يحيط بالحارة خلاء صحراوي استوحاه نجيب من العباسية التي كانت في أيامه على حدود الصحراء

في الفترة الواقعية كانت الحارة منقولة من الواقع بكل زخمه وتفاصيله، وبعد ذلك أصبحت الصحراء رمزا، وأصبحت التكية مستقرًا للدراويش الذين هجروا الدنيا وتفرغوا للذكر، وأصبح شيخ التكية رمزا للإيمان الخالص، أو القوة الباطنية التي تعين البشر الخاطئين، أو القوة التي انفصلت عن عالم الأرضيين وتركتهم يتخبطون في تيههم، حسب موضوع الرواية، ونرى التكية في أجلى صورها في "ملحمة الحرافيش" فهي رمز الجنة والفردوس المفقود، وهى التي يتطلع إليها الإنسان دائما عندما يبحث عن العدالة أو الحقوق الضائعة

ملامح أدبية
منير عتيبة

معجزة توفيق الحكيم مع نجيب محفوظ


يروي محفوظ أن الحكيم دعاه الى
طعام الغداء مرة الى مائدة منزله في جاردن سيتي على نيل القاهرة، رغم أن هذا الخبر ظل سراً
لكن ما لم يكن سراً ما وصفته “الأهرام” في مانشيت بارز

“معجزة توفيق الحكيم مع
نجيب محفوظ

حيث حدث أن احتفلت “الأهرام” بعيد الميلاد الخمسين لنجيب محفوظ

ووسط دهشة الحاضرين الذين بلغ عددهم مائتي شخص، تقدم توفيق الحكيم الى المنصة، مدّ ذراعه الى جيب سترته الداخلي وأخرج منها لفة صغيرة جداً، حل رباطها وأزاح عنها ورقها، فإذا هي صينية صغيرة من الفضة، ناولها الى صديقه المحتفى بعيد ميلاده الخمسين وكلماته تختلط بابتسامة، وهو يقول للجميع ملوحاً بالصينية في الهواء حتى يراها القاصي والداني: “هذا من حرّ مالي.. والله!.. موش كده وإلا إيه؟.. إي والله من حرّ مالي صحيح”. يأخذ نجيب محفوظ الهدية من الحكيم وهو يكاد لا يصدق عينيه، ثم تابع الحكيم قوله: “إن أدب نجيب محفوظ معجزة لا تتكرر، لأنه استطاع أن ينتزع منه هدية
وكان أن ردّ محفوظ بكلمة رقيقة شكر فيها صديقه العزيز مؤكداً على كلامه أن هذه المعجزة لن تتكرر فعلاً، لأن توفيق الحكيم الفنان العظيم لا يكرر نفسه أبداً
في ركن بارز في مكتبة نجيب محفوظ تحتله كتب توفيق الحكيم، وضع الروائي الكبير الصينية الفضية هدية الحكيم إليه في الدولاب الزجاجي الكائن في مدخل شقته، وبه الأوسمة والنياشين التي حصل عليها، وفي الصدارة منها صينية الحكيم التي نقشت عليها عبارة: “إلى عملاق الرواية العربية نجيب محفوظ مع الإعجاب”، ثم التوقيع باسم توفيق الحكيم. وإلى جوار الهدية الأولى وضع محفوظ الهدية الجديدة التي أهداها له الحكيم في عيده السبعيني وهي عبارة عن “قلمين”، كأنه يريد البرهنة على أنه كريم على الأقل مع صديقه الأعز

البخل بين الحكيم ومحفوظ

الوحيد الذي كان يجلس على مقهى


الغيطاني أشار إلى بداية تعرفه الى محفوظ عبر الندوة التي كان يقيمها بأحد مقاهي الأوبرا القديمة موضحا أن هذه الندوة كانت إحدى الركائز المهمة في الحياة الثقافية آنذاك، ولو قدر للمناقشات التي كانت تدور خلالها أن تسجل لكانت عكست الحالة الثقافية الموجودة في القاهرة وقتها

يقول الغيطاني: “توثقت علاقتي بمحفوظ لأسباب، منها أننا أبناء حي واحد “الجمالية” إضافة إلى أن هناك تشابها نفسيا بيننا، هذا التشابه لا أستطيع تفسيره، لكنني كنت أشعر دائما بأنه بمثابة الابن وقد تأثرت به لدرجة أنني كنت أحفظ صفحات كاملة من “الثلاثية” عن ظهر قلب

ويؤكد أن محفوظ يمثل حالة فريدة في الثقافة العربية، موضحا أنه ظل يكتب بلا توقف مدة 70 سنة، وما ميزه عن الآخرين أنه لم يكن مجرد راوٍ يحكي حكايات، بل كان ضمن قلة من الكتاب العالميين الذين لديهم رؤية للعالم، ومع ذلك -يقول الغيطاني- من يقرأ بدايات محفوظ لا يمكن أن يتصور ما انتهى إليه

أما يوسف القعيد فأشار إلى أنه عندما جاء إلى القاهرة اكتشف أن الأديب الوحيد الذي يمكن أن يلتقيه هو نجيب محفوظ، لأنه الوحيد الذي كان يجلس على مقهى، وتستطيع أن تراه وتقابله مؤكداً أن صاحب نوبل في الآداب 1988

كانت له مزايا وصفات لا تنكر، ولا يمكن مقارنته بأبناء جيله

وأوضح القعيد أنه كان مختلفا مع محفوظ في مواقفه السياسية من ثورة 23 يوليو/ تموز 1952 ومن عبدالناصر وكامب ديفيد، لكنه كان يحترم هذا الاختلاف، لأنه كان ليبراليا حقيقيا

نجيب محفوظ منسي بعد 20 عاماً من حصوله على نوبل

11‏/11‏/2008

شهد الضحك علينا


شهدنا مجلس السمر بالحديقة على أتم ما نكون من العدد والمرح . ينتقل بنا الحديث من شأن إلى شأن كالنحل بين الزهور، والجو الرطيب يضج بضحكاتنا

في تلك الجلسة نسينا الدهر ونسيناه، وإذا بأحدنا يقول فجأة ، ودون مناسبة ظاهرة
تصوروا أين وكيف نكون بعد نصف قرن؟

الجواب أيها الصديق غاية في البساطة ، وأن يكن في الوقت نفسه غاية في التعقيد، ولكن لماذا تذكرنا بذلك؟

اليوم يمر على تلك الجلسة ربع قرن فقط، على ذاك لم يبق من سمارها إلا اثنان
ويذكر أحدهما الآخر بقول العزيز الراحل
ويتنهدان ويتخيلان أين وكيف ما حلا لهما التخيل
هل حقا عاش أولئك جميعا، وتبادلوا المودة والأمل

أصداء السيرة الذاتية

وجه من الماضي


رأيت ست نفوسه في المنام. ماذا جاء بك بعد غياب سبعين عاما بل يزيد. كانت طلعتك وبشرتك صافية وشعرك غزيرا . وكان بيتك يطل على النيل ، وكنا نزورك كثيرا وكنت أعتبر أوقات زيارتك من أسعد الأوقات، ومن نافذة الحجرة كنت أغوص ببصري في الأمواج الهادئة فيسبح حتى الشاطئ البعيد، لم يبق من الحلم إلا وجهك، وتساؤلي : ترى أما زالت على قيد الحياة ! أما وقائع الحلم فقد تلاشت بعد استيقاظي مباشرة

أصداء السيرة الذاتية

نجيب محفوظ يدافع عن موهبته الكروية


في إحدى مراته النادرة التي يخرج فيها عن حديثه عن الادب وكتابته الادبية إلى الحديث عن ذكرياته وطفولته دافع الاديب الكبير نجيب محفوظ عن موهبته الكروية وليست الادبية مؤكدا على انه كان لاعبا مهاريا ممتازا وانه لم يلعب الكرة حافيا وجاء دفاعه ردا على ما ذكره الفنان الكبير مدحت عاصم رفيق طفولة محفوظ في مذكراته بأن محفوظ كان يلعب الكرة حافياً بدون حذاء حيث قال محفوظ: ليس من المعقول ان ألعب الكرة حافيا بدون حذاء فالارض في حي الوايلي بوسط القاهرة رملية ولن تخلو من مخلفات زجاج مكسور او بقايا مسامير او حصى او ما شابه ذلك مما يمكن ان تحتويه الارض عن غير قصد وعن غير نظافة فتكون النتيجة الطبيعية اصابات وجروح ولذلك كان لعبي للكرة حافيا غير ممكن لهذه الاسباب واضاف نجيب محفوظ في رده في مجلة نصف الدنيا القاهرية: ان هذا كان ممكنا بالنسبة لفتوات حي الوايلي الذين كانوا يلعبون حفاة بغير أحذية حيث كنا نشاهد فريقي الكرة المكونين من هؤلاء الفتوات يلعبون حفاه فقد كنا في عصر اشتهر في حينه ضمن ما اشتهر بأنه عصر الحفاء وكانت اصابع اقدام هؤلاء اللعيبة الفتوات غليظة بدرجة ملحوظة ولكنها كانت تتفق مع قدرتهم البدنية وقدرتهم على التحمل ويقول محفوظ لعل الامر قد التبس على صديقنا الفنان الثائر مدحت عاصم فظنني واحداً من الفتوات رغم ان مدحت عاصم نفسه لم اشاهده يلعب الكرة أو يهتم برياضة القدم ولكنه كان مهتماً بنوع آخر من الرياضة البدنية وهي حمل الاثقال
وكان عاصم قد كتب في مذكراته قائلا: ان نجيب محفوظ كان لاعباً ممتازاً لا يقل براعة عن محمود مختار وحسن مختار بل كان اكثر منهم دهاء في المحاورة واصابة الهدف وكان يلعب الكرة حافيا بدون حذاء وكانت هذه الظاهرة غريبة جدا ومع ذلك كان من خيرة لاعبي الكرة وكان في تصورنا انه سيكون علماً من اعلام الكرة لكن اتجاهه للادب هو الذي سيطر عليه

القاهرة مكتب الجزيرة
عتمان أنور