
كانت معركة لم تسبق بمثيل من حيث عدد من شاركوا فيها، فالحرافيش أكثرية ساحقة ، وفجأة تجمعت الأكثرية واستولت على النبابيت فاندفعت في البيوت والدور والوكالات رجفة مزلزلة، تمزق الخيط الذي ينظم الأشياء وأصبح كل شيء ممكنا، غير أن الفتوة رجعت إلى آل الناجي، إلى عملاق خطير تشكل عصابته لأول مرة أكثرية أهل الحارة، ولم تقع الفوضى المتوقعة، والتف الحرافيش حول فتوتهم في تفان وامتثال، وانتصب بينهم مثل البناء الشامخ، توحي نظرة عينيه بالبناء لا بالتخريب
هذا جزء من سيرة عاشور الناجي أحد فتوات القاهرة كما ذكره نجيب محفوظ في ملحمةالحرافيش
والفتوات هم البوليس الشعبي الذي كان يحمي القاهرة، بعلم البوليس الرسمي، وكان لكل حارة فتوتها الخاص بها، والذي يزود عن حقوقها، ويجمع من مال أغنيائها ليعطي فقراءها، كصورة شعبية لروبين هود، وكل فتوة يصل إلى منصبه بعد معركة طاحنة تسيل فيها الدماء مع الفتوة السابق له، والمعادي له، باستخدام سلاح الفتوات الشهير النبابيت
ويقول الكاتب والروائي محمد جبريل، صاحب كتاب البطل في الوجدان الشعبي فإن الفتوات كان بعضهم يقوم بفرض الإتاوات وكان بعضهم بلطجية، وبعضهم يقوم بنصرة الفقراء والغلابة
وأشهر من كتب عن الفتوات هو الروائي نجيب محفوظ، وخصص لهم ملحمته «الحرافيش» للحديث عنهم، ورواية تاريخهم، ولأن نجيب محفوظ ارتبط بالحارة، تماما مثل الفتوات، ولأنه عاش عصرهم، فكان من الطبيعي أن نجدهم في العديد من رواياته، مثل أولاد حارتنا، وحكايات حارتنا، والثلاثية، وغيرها
غروب شمس الفتوات في رأي جبريل بدأت في الأربعينيات، وربما بدأ هذا مع حادثة عرابي، فتوة الحسينية الشهير
القاهرة: محمد أبو زيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق