هذه المدونه ليست موقعا يؤرخ لأديبنا العظيم نجيب محفوظ ويسرد سيرته و يعدد أعماله وجوائزه .. انما هي مجموعه من المقالات المتنوعه لعدد من الكتاب المختلفين تعكس بين سطورها محفوظ الأنسان .. أراءه في الحياه .. جوانب من فكره المستنير و ذكرياته حتى أحلامه التي تنبض حكمه .. هذه المدونه تحية حب للرجل الذي أنار لي بفكره وشخصيته الفذه أ بعادا جديده في الحياه لم أكن لأعرفها لولاه .. صدق الفنان نورالشريف عندما قال في احد المقالات .. أنا مؤمن أن الناس لن يدركوا قيمة محفوظ الحقيقية إلا بعد خمسين سنة من الآن، لان كل ما يقال عنه حاليا لا يفيه حقه ككاتب. وحتى تحب نجيب محفوظ فعليك التعامل معه كشيخ طريقة وليس مجرد أديب

انه نجيب محفوظ‏..‏ واحد من اولئك البشر الذين ما ان يصادفهم المرء حتي تكتسب حروف الكلمات بشاشه ودفئا‏..‏ فالرجل الذي احتفي به العالم كله وسلطت عليه الاضواء كما لم تسلط علي اديب مصري من قبل‏,‏ واطلق عليه النقاد الاجانب القابا من قبيل بلزاك مصر وتشيكوف العرب وزولا النيل‏,‏ والذي طور شكل ولغه الفن الروائي العربي لم ينتبه الغرور قط ولم يغير من عاداته اليوميه ولا جولاته في شوارع المحروسه‏,‏ وعلي شاطيء نيلها بعد فوزه بجائزه نوبل او عقب تلقيه للتهديدات بالاغتيال عقب ان كفره شيوخ الارهاب‏..‏ ظل نجيب محفوظ بدماثه خلقه وادبه الجم وتواضعه الشديد يدا ممدوده مرحبه وهامه جليله‏,‏ ووجها سمحا ينحني قليلا للامام عند مصافحته لاي شخص او عند مجاهدته لالتقاط الحروف المتلاحقه علي شفاه الاخرين‏..

سناء صليحه
ثقافه و فنون

16‏/04‏/2009

رسالة إلى نجيب محفوظ


إليك أيها العملاق الذي كنت ولاتزال تسكن أبراجًا بنيتها من علم وفلسفة.. إليك أيها الباحث عن مكنونات شعبك وعطشه.. إليك أيها الكاشف أستار التربة ليعرف التاريخ هويات الحلم المغروس في أفئدة شعبك.. إليك أيها المدرك تبعات مغامرات الحرف والكلمة.. فلتسمح لي أن أكتب بعض الكلمات التي كانت مترددة في انفلاتها عبر فضاء الأهرامات الشامخة.. كلمات تعبر عن مدى التعلق المختلج مع نسمات الصباح حين تسير في أروقة الأزقة حاملاً جريدتك المفضلة، ومع دموع القارئ الذي سهر الليالي منهمكًا في عالمك السردي.. يبحر بين المفردات ويقفز شغفًا بين العبارات الكاشفة أسرار تكوينك الفني، وتقنيات الكتابة لديك

إليك أيها الغارس فينا حب القراءة ولذة التطلع وشهية المعرفة أقول لك أنك أخذت الأجيال المتعاقبة عبر أعمالك القصصية والروائية إلى عشق مصر قبل أن تطأ أي أقدام هذه الأجيال ارض الكنانة.. عرفتنا حاراتها ولجهاتها.. أزقتها وممراتها.. قربت لنا المسافة الزمانية والمكانية لكي نعيش الحالات التي مر بها الشعب المصري قبل وبعد الثورة

ذهبنا معك ونحن في أوج بهجتنا إلى أقبية الحارات المختلفة لتكشف علنا عن أولاد هذه الحارات التي توسدت العلم والتاريخ والمعرفة وأحقية السؤال، وأسرار منعها، وحين تعالقت الرواية بخيالنا عرفنا مدى القسر والقساوة الشرسة لهذا المنع، ولكن حلمك الجميل ظل مجداً وتراثاً يتخلخل بين مفاصل الشخصيات التي رسمتها في أعمالك الباقية ما بقي الدهر بين فتوات الكلمة التي صدحت عند كثير من أعمال الأجيال التي تربت على يديك.. وفتوات الحارات والأمكنة التي تسيدت الحرافيش وبعضاً من قرى التخيل

وعلى الرغم من فراقك الذي أضنى كل مثقف وأديب عربي يعرف مكانتك الإبداعية والعالمية، وتمددك على سرير المرض يبقى السفر معك في عالم الصحراء والبراري المعلنة في رحلة ابن فطومة نبراسًا يقربنا من تحدي الواقع وكشف زيف المجتمع الذي كان يحتاج إلى فحوصات دقيقة وإجراء عمليات جراحة وتجميل، وليس أنت أيها الباقي في صحونا ونومنا..شاء وكان به رحيلك فلم تكن أحلامنا كابوسًا إلا حين قرأنا الخبر ولم تتمظهر أحزاننا وتنبري إلا بعد سماع الطبيب الذي يصرح إلى وكالات الأنباء عن وفاتك.. ولم نشعر بقساوة التعب اللغوي إلا حين أردنا أن نرسم عشقنا لك لغة، وستبقى بيننا نأكل الخبز الذي كونته في قصصك، ونشرب الماء الذي ظهر من بئر رواياتك، ونسمر مع أعمالك

لـويس جرجس

ليست هناك تعليقات: