انه نجيب محفوظ.. واحد من اولئك البشر الذين ما ان يصادفهم المرء حتي تكتسب حروف الكلمات بشاشه ودفئا.. فالرجل الذي احتفي به العالم كله وسلطت عليه الاضواء كما لم تسلط علي اديب مصري من قبل, واطلق عليه النقاد الاجانب القابا من قبيل بلزاك مصر وتشيكوف العرب وزولا النيل, والذي طور شكل ولغه الفن الروائي العربي لم ينتبه الغرور قط ولم يغير من عاداته اليوميه ولا جولاته في شوارع المحروسه, وعلي شاطيء نيلها بعد فوزه بجائزه نوبل او عقب تلقيه للتهديدات بالاغتيال عقب ان كفره شيوخ الارهاب.. ظل نجيب محفوظ بدماثه خلقه وادبه الجم وتواضعه الشديد يدا ممدوده مرحبه وهامه جليله, ووجها سمحا ينحني قليلا للامام عند مصافحته لاي شخص او عند مجاهدته لالتقاط الحروف المتلاحقه علي شفاه الاخرين..
سناء صليحه
ثقافه و فنون
- ذكريات (16)
- شخصيتة (11)
- عاداته (7)
- أصداء السيرة الذاتية (6)
- المقاهي (4)
- سعد زغلول (4)
- المجالس المحفوظية (3)
- الحب الاول (2)
16/04/2009
نجيب محفوظ: نهاية الفصل الأخير
ولد نجيب محفوظ في عام 1911 في منزل لا تصله الكهرباء. تفاصيل وعيه للعالم تسربت عبر الإضاءة الشحيحة لمصابيح الكيروزين المنتشرة في بيوت “المستورين”، من الطبقة التي ستكون بعد سنوات لاحقة طليعة البورجوازية الجديدة في مصر. عرف أول بطولة خارج حدود البيت والأب مع سعد زغلول، الزعيم القادم من بيئة متواضعة ليعبّر عن أمل البلاد في الحرية والاستقلال وعن آمال الفئات المهمشة في العبور إلى أماكن اجتماعية جديدة. وهنا، كانت ثورة زعيم “الوفد” على بعد سنوات من ميلاد محفوظ. لكنها كانت الأقرب إلى تركيبته الخاصة التي جمعت التناقضات في سلام شخصي واجتماعي فريد. تلك الشخصية المتمردة، لكن ليس الى حد التطرّف...
والمخلصة للتقاليد القديمة، لكن ليس إلى حد الجمود
ترك محفوظ حي الحسين في مصر القديمة لينتقل إلى حي العباسية، فردوس الطبقة الوسطى الجديد وأحد مصانع وعيها وملاعب وجدانها
لم يكن صاحب “الثلاثية” أسير ازدواجية التعليم المدني والأزهري كما طه حسين، ولا موزعاً بين عشقين مثل توفيق الحكيم الممزق ثقافياً بين الشرق والغرب، بل كان الحالة الوليدة لمثقف مصر الحديث الذي يشحن وجوده الاجتماعي من ثورة التغيير، وبدايات مراحل جديدة في تاريخ مصر
خاض محفوظ مغامرة الكتابة بينما أبقى على قناع الموظف المنضبط الذي يخفي عن زملاء الوظيفة أنه “أديب”، مستجيباً في ذلك لنصيحة مؤلف قصص الأطفال كامل الكيلاني. وها هو يحاكي في “أولاد حارتنا” بناء الأفكار في المؤسسة الدينية، ويوصل نقده سلوك السلطة السياسية إلى حدود الفكاهة السوداء وهلوسات “المساطيل”، كما ظهر في “ثرثرة فوق النيل”. لكن على رغم ذلك، نادراً ما كان يصطدم بالسلطة السياسية أو الدينية أو الأخلاقية، نجيب محفوظ “صورة” المثقف الحديث الباقية من تلال مزدحمة بالصور والشخصيات. وإذا سألت شخصاً عادياً عن المثقف الذي يعرفه اليوم، لن يتردد في أن يذكر لك اسم نجيب محفوظ. فهو يحتل مساحة كبيرة وحده. بلا تفاصيل. إنها نوبل والسينما. جائزة التقطها من غرب ظالم دائم في مخيلتنا، وسينما حكت عن أبطال لهم ملامح واقعية، ربما أكثر واقعية من المتفرجين أنفسهم. أبطال “الثلاثية” أصبحوا هم الواقع “سي السيد” وأمينة... ذكورة وأنوثة الاستبداد الشرقي المغرم بالقهر والمتعة. واقعية حارقة حينما تحاصر البطل بأسئلة على مفترق طرق. شادية فى “زقاق المدق”، وعمر الشريف في “بداية ونهاية”، ونور الشريف في “السراب”. الأبطال حائرون والأديب يغيّر زوايا اقترابه من الفلسفة وعلم النفس وتشريح المجتمع. أكثر ما يعشقه هو فكرة الأدراج. يضع في كل درج جزءاً من حياته: الوظيفة والكتابة والشلة والبيت والعائلة والمتع المنفلتة! كل درج له قانونه الخاص وتاريخه السري. نجيب هو النقطة المشتركة الوحيدة. يمكن أن تراه كما تريد. حمّال أوجه تقليدي. مطيع في السياسة. له “شطحات” في الكتابة، ملحد أو مؤمن. هو كل هذا
قد تحذف الثقافة السائدة الآن من سيرته كل ما تريد ليبقى مجرد رجل “بركة”، عاش طويلاً وحقق النصر لمصر في المحافل الدولية. ليس إلا! ومن المرجّح أنّها لن تتطرّق الى أفكاره، أو انحيازه للعلم حتى لو كان على حساب الايمان. غداً ينسى الوافدون الجدد أن “أولاد حارتنا” أهم ما فيها أنّها كسرت تابوات راسخة ومهّدت الطريق.
أقسى ما في الموت هو الاختصار. تتمرد طوال حياتك على العائلة والثقافة السائدة. وعندما يهمد جسدك، تتسلّمك العائلة وتتمدد مستسلماً لطقوس الثقافة السائدة. كيف سيُختصر نجيب محفوظ؟ الخوف من أن يتحول وهو فى القبر الى سلطة، وهو الرجل المتواضع، وأن تمنع الطريقة التى رتّبت فيها الدولة جنازته (الـ“عسكرية”) احتفالاً شعبياً بالحياة وبالخروج عن الطاعة. الرجل الكبير هو متمرّد في المقام الأول: على رغم أنه كان يضبط حياته على ساعة مقيمة في جيبه. قبل ذلك، حُمل جسد توفيق الحكيم على عربة مدفع، واليوم يلحق به نجيب محفوظ في جنازة عسكرية. من منهما كان يحلم بشكل جنازته
القاهرة ــ وائل عبد الفتاح
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق