
عندما سألت استاذ الرواية العربية نجيب محفوظ في حوار شرفت بإجرائه معه عن موقع المسرح في أدبه قال: ان المسرح أسهم في تشكيلي وجدانيا وكان مصدرا مهما من مصادر الثقافة والمعرفة مع الرواية والشعر, ولكنني احببت أن ابتعد عن المسرح حتي لا أصبح مقلدا لأحد اساتذتي وهو توفيق الحكيم.. وان اختط لنفسي طريقا خاصا يتفق مع ميولي واستعدادي وهو طريق الأدب الروائي.. استعدت كلماته البسيطة المتواضعة
وانا اقرأ حوارا له في مجلة المسرح عدد نوفمبر1979 اجراه معه الأستاذ عبدالرحمن ابو عوف وفيه الكثير من التفاصيل حول رؤية نجيب محفوظ لمسرح توفيق الحكيم وايضا مسرح الريحاني ورأي أديبنا العالمي في اعماله القصصية التي تحولت الي المسرح
يقول الأستاذ نجيب محفوظ: الحقيقة علاقتي بالمسرح كمشاهد علاقة قديمة جدا ففي سن الطفولة تقريبا حضرت بصحبة أبي بعض تمثيليات الريحاني وعلي الكسار.. وبدءا من سنة1925 عرفت الطريق إلي روض الفرج.. وكان حافلا بمقلدي الريحاني وعلي الكسار فشاهدت كثيرا من المسرحيات التي كانوا يقدمونها في أزمنة سابقة أثناء الحرب العظمي حرب1914 وبعد ذلك عرفنا طريقنا إلي المسرح المصري في الثلاثينيات وما قبلها قليلا شاهدنا يوسف وهبي وفاطمة رشدي والريحاني وعلي الكسار وعزيز عيد.. ولما بدأت تثقيفي الأدبي كان المسرح بطبيعة الحال في طليعة قراءاتي الدراسية.. فقرأت ما استطعت من قديمه ممثلا في الاغريق وجوته وشكسبير وكورني وراسين ثم المعاصرين في ذلك الوقت امثال إبسن وشو وتشيخوف وغيرهم..
واستمرت قراءاتي مع ما اخترت من سلسلة المسرح العالمي مطلعا علي مختلف تياراته فأنا قراءتي للمسرح لاتقل عن متابعتي للرواية أو القصة القصيرة أو الشعر.
وحول تقييمه لدور الأستاذ توفيق الحكيم يقول استاذنا النجيب: الحقيقة ان توفيق الحكيم كان بداية جديدة لمسرح جاد معاصر بكل معني الكلمة.. انقسم لقسمين واحد فكري, مجاريا في ذلك المسرح العالمي.
وآخر اجتماعي فكاهي مجاريا الروح المصرية الخالصة ومن ينبوعه خرجت التيارات المتنوعة التي أتت بعد ذلك فألفريد فرج يمثل خطا.. وسعد الدين وهبة ونعمان عاشور يمثلان خطا.. وهكذا..
ولاتنس تدخل الريحاني في التأثير.. فالحق أن الريحاني له أثر وخطر لاينكران في المسرح المصري.. وحول رؤية بعض النقاد ان عددا من قصص نجيب محفوظ الحوارية تعد مسرحيات قال الأستاذ نجيب: لم أقصد المسرح, بل هي قصص فرض عليها شكل الحوار أساسا, فالمسرح كان علي الهامش لحظة ابداعي لها.
محمد بهجت
دنيا الثقافة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق