
مثلما تألقت القاهرة بوجهها الخاص والحياة الشعبية في ملامحها العامة في أدب نجيب محفوظ، تألقت أيضاً في لوحات عديدة في الفن التشكيلي. فعندما نقرأ خان الخليلي أو زقاق المدق وبين القصرين أو نطوف (بدنيا الله) نجد في تصوير محفوظ ما نراه في أعمال الرائد يوسف كامل، فقد ظل قلب فنانناً معلقاً بين القاهرة التاريخية والشعبية بتلك المنافذ والكوى والدروب والبوابات والسلالم الشاعرية العتيقة فصور بيت البكرية والباب الأخضر وبوابة المتولي وغيرها من تلك المساحات المسكونة بلمسة الزمن في نسيج من النغم.
كما جاءت لوحات فنان الباستيل محمد صبري للقاهرة الفاطمية بأبوابها وبواباتها في أكثر من 200 لوحة. وفي مقهى نجيب محفوظ بخان الخليلي تطل 16 لوحة للفنان صبري تمثل شارع المعز وبوابة الفتوح وبيت السحيمي وباب زويلة والجامع الأزرق، وكلها تمثل مسرحاً لحكايات محفوظ الروائية والقصصية. كما يتصدر المكان بورتريه للكاتب الكبير من إبداع صبري أيضاً وقد صوره له بعد نوبل... ونجد حميدة كما وصفها محفوظ بملامحها ولون بشرتها وسحر عينيها، تكاد تطل من لوحات محمود سعيد بكل أوصافها.. وليس غريباً أن الموديل المفضل عند محمود سعيد الذي ظل يرسمه طوال حياته يدعى حميدة أيضاً.
وحي الخطوط والألوان
وإذا كانت هناك أعمال تشكيلية التقت مع عالم محفوظ دون اتفاق إلا أننا نجد أعمالاً تعد بمثابة ترجمة بصرية لعالمه، ففي عام 1959 صاحبت ريشة الفنان الحسين فوزي فصول رواية أولاد حارتنا التي نشرت بصحيفة الأهرام في 100 رسم على مدى ما يقرب من العام كما قدم الفنان سيف وانلي ترجمة تعبيرية لشخوص المرايا التي صاحبت الرواية حين كانت تنشر بمجلة الإذاعة والتلفزيون عام 1971.
الواقعية
ارتبط الفنان جمال قطب بعالم نجيب محفوظ، فقد تصدرت رسومه أغلفة رواياته وقصصه القصيرة من بداياته الأولى وحتى أعماله الأخيرة في أكثر من خمسين عملاً، وقد جسد هذا العلم الذي يمتد من الواقعية التاريخية والفنتازيا كما في روايات محفوظ الأولى، إلى الواقعية الطبيعية والفكرية والواقعية النفسية كما في السراب، والواقعية الرمزية كما في زقاق المدق إلى العبث واللامعقول كما في تحت المظلة.
وقد صور جمال نجيب في أكثر من بورتريه من بينها نجيب يبدو مبتسماً متأملاً وحوله شخوصه العديدة أبطال رواياته.
تنوعت الصورة الشخصية لمحفوظ من فنان إلى آخر مثل الصورة التي صورها له صبري راغب والتي جمعت بين الخفة والصلابة بلمسات قصيرة، كما صوره جمال كامل في بورتريه استحضر فيه شخصيته البسيطة المتواضعة
صلاح بيطار