
حين اقتربت من اسره اديبنا الراحل نجيب محفوظ وتعرفت علي علاقته بزوجته وابنتيه, وجدت انه ابعد مايكون في علاقاته الاسريه عن شخصيه السيد احمد عبد الجواد, بطل الثلاثيه الذي لم تكن زوجته تناديه الا باسم سي السيد, ولقد سالته ذات مره عن اصل تلك الشخصيه التي تعتبر الان احد اهم شخصيات الادب العربي الحديث, حيث جسدت نمطا كان سائدا لفتره طويله في مجتمعنا الشرقي, فقال: انها من وحي الحياه, فكل اسره كان بها سي السيد لكن ذلك كان في الجيل السابق علينا.
قلت: هل كان والدك سي السيد ؟ ضحك وقال: بل كان ابعد مايكون عن سي السيد, فقد كان طيبا, رقيق القلب, يهوي الموسيقي والطرب, فكان يعشق سماع صالح عبد الحي والمنيلاوي وعبد الحي حلمي الذين كانوا من اكبر مطربي في ذلك العصر.
ويستعيد الاستاذ ذكرياته وهو يقول: في ذلك الوقت لم يكن هناك راديو وكان والدي يذهب الي الحفلات التي يقيمها هولاء المطربون الكبار ليستمع اليهم علي الطبيعه, ثم حين دخل الراديو اشتري جهازا وكنا نجلس امامه في البيت نستمع لاغاني مطربي ذلك العصر.
كما كان والدي ديموقراطيا بالمعني الحديث, فقد كان يحترم خيارات اولاده ولايفرض عليهم مالا يريدون, واذكر انني حين تخرجت في المدرسه كان يريدني ان التحق بكليه الحقوق لاصبح وكيل نيابه يمشي ورائي عسكري, لكنه احترم اختياري حين قررت دراسه الفلسفه بكليه الاداب رغم عدم رضائه عن ذلك, وقد عاش والدي ليري قصصي الاولي منشوره في بعض المجلات لكنه للاسف توفي عام1937 قبل ان تصدر روايتي الاولي.
ان حب والدي للفن والطرب هو السمه الوحيده المشتركه بينه وبين سي السيد, اما عشق سي السيد للنساء فقد اخذته عن عم لي كان اسمه سعيد, وكان رجلا جذابا انيقا في ملبسه, لكن علاقاته النسائيه كانت كثيره وكانت زوجته تاتي الينا للشكوي, فكان والدي المستقيم يحاول نصحه وكان يذكره بان بناته قد كبرن وان سيرته هذه قد توقف زواجهن.
يبقي بعد ذلك السمه الثالثه من شخصيه سي السيد وهي شدته في التعامل مع افراد اسرته وتلك اخذتها بالكامل من جار لنا في منزلنا القديم بميدان بيت القاضي بالجماليه كان اسمه عم بشير, وكان شاميا وكان يعامل زوجته بقسوه شديده, وكثيرا ما استمعت اليها وهي تشكو لامي من شدته, وربما تاثرت لذلك واختزنت تلك التجربه الي ان كتبت الثلاثيه بعد ذلك بما يقرب من15 عاما.
حوارات نجيب محفوظ
يكتبها محمد سلماوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق