.jpg)

يمضي ابراهيم عبد العزيز مع صفحات كتابه المحتشده بالماده الوفيره عن نجيب محفوظ, عاكفه علي سيره حياته, لم يترك فيها شارده ولا وارده, وانما جمعها بداب وحرص شديدين من كل المصادر والمراجع, ومن بينها حواراته الشخصيه مع نجيب محفوظ ومع الاخرين, ثم صنف مصادر كتابه, وجعل كاتبنا الكبير يحكي عبر الصفحات, وطبقا لما جاء في هذه المصادر عن طفولته وصباه واحلامه, وبيته, وعن رمضان شهر الحريه, وعن طبقته الوسطي, واسعد اوقاته, وعن شقاواته, ويوم ان بكي, وعن حنان امه, واسرع هداف في زمانه, وعن شبابه وجهاد نفسه, وفضل مدرس اللغه العربي, وافكاره الكاريكاتوريه, وكيف انه لو لم يكن كاتبا لاصبح مغنيا, واخطر مرحله في حياته, وعن توفيق الحكيم معلم الجميع, ونبوءه العقاد, والمربي الادبي له, والافلاس, والشك, والقصص القراني, والسكرتير البرلماني, ومندوب السفاره البريطانيه, وحكايته مع الثوره وعبد الناصر, وكيف انه يمثل جيل النكسات, وكيف قرا عبد الناصر الثلاثيه, وغيبه الوعي, ومظاهرات الطلبه, واسوا مورخ, ورفضه مقابله حسن البنا, والتلاعب بالدرجات العلميه, ودفاعه عن اساتذه الجامعه
وانه لايعترف الا بالفصحي, ودلال الالهام, وعن النقد معه وضده, وعلي المقهي, وعن حبه وزواجه, وابنتيه, وشارع النساء, وجائزه نوبل والسوال الخبيث, ومتاعب ما بعد نوبل, واحلام ليست للنشر, وارذل العمر, والعدل والديمقراطيه, وزوجي نجيب محفوظ, قلت ان ابراهيم عبد العزيز لم يترك شارده ولا وارده, مضيفا بهذا الكتاب حلقه ضخمه ومهمه في سلسله الكتب التي قدمت لنا نحن القراء نجيب محفوظ الانسان والمبدع, واقترب اصحابها منه فكانوا موضع ثقته وفضفضته وذكرياته. صحيح ان النقد الادبي لم يعد يقيم وزنا كبيرا لما يقوله المبدع عن نفسه, علي اساس ان اعماله الابداعيه وحدها هي محل الاهتمام, لكن تظل لهذه الحكايات والاسرار والتفاصيل الصغيره اهميتها في الكشف عن السياق الذي دارت فيه حياه المبدع وولدت من خلال كتاباته. وابراهيم عبد العزيز بهذا الكتاب الجميل, الذي لابد ان اعداده استغرق جهدا هائلا وزمنا طويلا يضيف الي كتبه واصداراته السابقه عن توفيق الحكيم ويحيي حقي وطه حسين والدكتور حسين فوزي وصبري العسكري وغيرهم, التي لابد من قراءتها وتاملها والاستمتاع بها, باعتبارها مراجع ومصادر اساسيه لمعرفه هولاء
الكبار حق المعرفه والوعي بكتاباتهم وابداعاتهم في ضوء هذه المعرفه الكاشفه.
لقد اتسعت حياه نجيب محفوظ, وامتدت طولا وعرضا وعمقا, حتي تجاوز التسعين, متيحه للعاكفين علي سيرته وابداعه ماده حيه نادره, لن يتوقف صدورها خلال ايامنا والايام القادمه, وهو بعض من عطر الخلود.
بقلم : فاروق شوشه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق