هذه المدونه ليست موقعا يؤرخ لأديبنا العظيم نجيب محفوظ ويسرد سيرته و يعدد أعماله وجوائزه .. انما هي مجموعه من المقالات المتنوعه لعدد من الكتاب المختلفين تعكس بين سطورها محفوظ الأنسان .. أراءه في الحياه .. جوانب من فكره المستنير و ذكرياته حتى أحلامه التي تنبض حكمه .. هذه المدونه تحية حب للرجل الذي أنار لي بفكره وشخصيته الفذه أ بعادا جديده في الحياه لم أكن لأعرفها لولاه .. صدق الفنان نورالشريف عندما قال في احد المقالات .. أنا مؤمن أن الناس لن يدركوا قيمة محفوظ الحقيقية إلا بعد خمسين سنة من الآن، لان كل ما يقال عنه حاليا لا يفيه حقه ككاتب. وحتى تحب نجيب محفوظ فعليك التعامل معه كشيخ طريقة وليس مجرد أديب

انه نجيب محفوظ‏..‏ واحد من اولئك البشر الذين ما ان يصادفهم المرء حتي تكتسب حروف الكلمات بشاشه ودفئا‏..‏ فالرجل الذي احتفي به العالم كله وسلطت عليه الاضواء كما لم تسلط علي اديب مصري من قبل‏,‏ واطلق عليه النقاد الاجانب القابا من قبيل بلزاك مصر وتشيكوف العرب وزولا النيل‏,‏ والذي طور شكل ولغه الفن الروائي العربي لم ينتبه الغرور قط ولم يغير من عاداته اليوميه ولا جولاته في شوارع المحروسه‏,‏ وعلي شاطيء نيلها بعد فوزه بجائزه نوبل او عقب تلقيه للتهديدات بالاغتيال عقب ان كفره شيوخ الارهاب‏..‏ ظل نجيب محفوظ بدماثه خلقه وادبه الجم وتواضعه الشديد يدا ممدوده مرحبه وهامه جليله‏,‏ ووجها سمحا ينحني قليلا للامام عند مصافحته لاي شخص او عند مجاهدته لالتقاط الحروف المتلاحقه علي شفاه الاخرين‏..

سناء صليحه
ثقافه و فنون

28‏/10‏/2008

ماذا بقي من تراث الوفد؟



قلت للاستاذ نجيب محفوظ‏:‏ انت دائم الحديث عن سعد زغلول ومصطفي النحاس وايام حزب الوفد حتي انك لا تتحدث عن سعد الا وتدمع عيناك‏,‏ لكن في عالمنا اليوم ماذا بقي من تراث الوفد؟

قال‏:‏ لقد تربينا علي مبادئ مهمه يجب الا تتغير مثل مبدا الوحده الوطنيه الذي هو العنصر الحافظ لهذه الامه علي مدي السنين‏,‏ لقد حاول الاستعمار ان ينفذ الينا من خلال التفرقه بين عنصري الامه لكنه فشل وكتب اللورد كرومر في مذكراته انه وجد الفرق الوحيد بين المسلم والمسيحي في مصر هو ان الاول يصلي في الجامع والثاني في الكنسيه ثم هناك مبدا اخر متصل بالوحده الوطنيه وهو ان الدين لله والوطن للجميع‏,‏ وهذا يوكد فصل الدين عن الدوله وهو ما قامت عليه الحكومات المتتاليه طوال تاريخ مصر‏,‏

او في المجال الخارجي فهناك مبدا الاستقلال الوطني وهو مبدا يكتسب اهميه خاصه في عصرنا هذا الذي تسيطر فيه قوه عظمي واحده علي العالم وتعطي نفسها حق التدخل في شئون الاخرين‏,‏ ويتصل بهذا المبدا جانبه الداخلي وهو التحرر من حكم الفرد وهو مانسميه الديمقراطيه ولقد جد علينا اليوم جديد وهو ان القوه العظمي اصبحت تطالب بالديمقراطيه في الوقت الذي كان الاستعمار في السابق يعارض ذلك وهنا فلايجب ان نرفض الديمقراطيه لمجرد ان الولايات المتحده تطالب بها بل يجب ان يكون موقفنا في ذلك ثابتا فالديمقراطيه هي مطلب وطني اصيل تربينا عليه منذ ثوره‏1919.‏

قلت‏:‏ الم تضف الايام في رايك ايه مبادئ جديده لما تربي عليه جيلكم؟

قال‏:‏ بل اضافت واهم ما اضافته هو حقوق الانسان‏,‏ لكنها اضافه تتفق تماما مع مبادئ الوفد وما كان يمثله طوال تاريخه‏.‏

قضايا و اراء
بقلم : محمد سلماوي

موسوعه عن سينما نجيب محفوظ


تحت عنوان نجيب محفوظ والسينما تقوم اكاديميه الفنون برئاسه د‏.‏مدكور ثابت باعداد موسوعه عن كل ماكتب عن الافلام التي تعاملت مع عالم وروايات كاتبنا الكبير‏,‏ وذلك بهدف تقديم ماده صحفيه ونقديه كامله للباحثين السينمائيين عن عالم نجيب محفوظ السينمائي‏.‏

تستعرض الموسوعه علاقه السينما بروايات نجيب محفوظ بدايه من فيلم بدايه ونهايه اخراج صلاح ابو سيف وبطوله فريد شوقي وعمر الشريف وسناء جميل‏,‏ ثم فيلم زقاق المدق بطوله شاديه واخراج حسن الامام‏,‏ وفيلم الطريق بطوله رشدي اباظه واخراج حسام الدين مصطفي الذي عرض عام‏1964,‏ وقد اعيد انتاجه مره اخري عام‏1986‏ بعنوان وصمه عار ثم تاتي الثلاثيه‏:‏ بين القصرين و قصر الشوق و السكريه للمخرج حسن الامام‏,‏ والتي قدمت من خلالها شخصيه سي السيد الشهيره والتي قدمها يحيي شاهين‏..‏وبعد ذلك مرحله الحرافيش والتي شهدت افلاما مثل شهد الملكه والحرافيش والتوت والنبوت‏.‏

وهناك افلام قدمت عن روايات تمثل علامات بارزه مثل الشحات اخراج حسام الدين مصطفي وثرثره فوق النيل اخراج حسين كمال‏,‏ والسمان والخريف واللص والكلاب اخراج كمال الشيخ والموسوعه تطرح عالم نجيب محفوظ السينمائي المليء بالتفاعل لمختلف العناصر سواء علي مستوي الحدث او الزمن او المكان‏,‏ وبصفه خاصه مدينه القاهره‏,‏ بالاضافه الي ان عالمه تناول شرائح المجتمع المصري في ازمنه مختلفه‏.‏
ثقافه و فنون‏
كرم عبدالمقصود

محطات السعاده


يواصل الاستاذ نجيب محفوظ حديثه حول محطات السعاده في حياته فيقول‏:‏ كان تاميم قناه السويس عام‏1956‏ احدي اهم محطات السعاده في حياتي وفي حياه الشعب المصري‏,‏ فقد شعرنا باننا نسترد ماهو لنا بعد سنوات طويله من الاغتصاب‏,‏ لقد كانت خيرات هذا البلد تذهب جميعها للاجانب وقت الاستعمار‏,‏ ولم يكن هناك للمصريين الا الفتات‏,‏ ثم جاء التاميم ليوكد لنا وللعالم اجمع ان البلد بلدنا وانه لن يتم استغلالنا بعد اليوم‏.‏

كذلك كانت الفرحه ايضا في اكتوبر‏1973‏ حين عبرنا نفس القناه التي سبق تاميمها‏,‏ لكنها اغتصبت ثانيه هذه المره بالاحتلال الاسرائيلي‏..‏ لقد كانت فرحه اكتوبر هي الفرحه الكبري في حياتي‏,‏ ولذلك فقد كان لها تاثير كبير علي اعمالي‏,‏ وانا اعتبر ان ملحمه الحرافيش رد فعل مباشر علي انتصار اكتوبر‏,‏ وهي من اكثر اعمالي تفاولا‏.‏

ولا استطيع ان اتحدث عن محطات الفرح في حياتي دون ان اتوقف عند نوبل‏,‏ فقد كانت فرحتها كبيره حقا وربما اكثر من اي فرحه اخري وذلك لانها كانت فرحه مزدوجه‏,‏ فقد جاءت تتويجا لحياتي الادبيه علي المستوي الشخصي‏,‏ واعترافا بالادب العربي علي المستوي الوطني‏,‏ فانا لااعتبر نوبل جائزه شخصيه فقط‏,‏ فقد منحت الجائزه للغه العربيه وتاريخها الادبي العريق‏,‏ وذلك لاول مره منذ انشاء الجائزه في بدايه القرن ال‏20,‏ لذلك كانت فرحتها بالنسبه لي فرحتين‏
حوارات نجيب محفوظ
بقلم‏:‏ محمد سلماوي

27‏/10‏/2008

المازني ينصح نجيب محفوظ


عندما ظهرت روايه نجيب محفوظ السادسه زقاق المدق سنه‏1947‏
قراها الاديب الكبير ابراهيم عبدالقادر المازني‏ ‏ وبعد ان انتهي من قراءتها قال لناشر كتبه وصديقه عبدالحميد جوده السحار انه يريد ان يري نجيب محفوظ‏,‏ وتم اللقاء بين المازني ومحفوظ‏,‏ وقصه هذا اللقاء يرويها محفوظ بنفسه في كتاب نجيب محفوظ صفحات من مذكراته واضواء جديده علي ادبه وحياته صفحه‏75‏ حيث يقول‏:..‏ كنت في ذلك الوقت من قراء المازني المدمنين وكنت احبه كاديب‏,‏ وكان من عاداتي السيئه ان كثيرا من الادباء الذين احببتهم عن طريق القراءه‏,‏ لم احاول الاتصال بهم او زيارتهم اذ كنت اترك هذه الامور للمصادفه ذهبت الي المازني في الموعد الذي حدده السحار‏,‏ واستقبلني المازني استقبالا حارا‏,‏ وافاض علي من المديح‏,‏ مما جعلني اخجل كثيرا منه ثم صمت المازني قليلا وعاد لكي يقول لي‏:‏ انه يريد ان ينصحني وانا في بدايه حياتي الادبيه قال لي المازني‏:‏ ان الذي تكتبه هو الادب الواقعي‏,‏ وان هذا النوع من الادب يسبب لصاحبه مشاكل كثيره‏,‏ وفي اوروبا حدثت مشاكل متعدده للادباء الواقعيين‏,‏ وطالبني المازني بالحرص‏,‏ لاننا في مصر لم نتعود علي فن الروايه‏,‏ والفكره الشائعه عن الروايات هي انها اعترافات شخصيه‏,‏ فطه حسين كتب قصه حياته في الايام والدكتور هيكل فعل نفس الشيء في روايه زينب‏,‏ وانا اي المازني فعلت ذلك في روايه ابراهيم الكاتب‏,‏ ثم قال لي المازني‏:‏ اذا كنت سوف تستمر في كتابه الادب الواقعي فسوف تجلب لنفسك المتاعب والمنغصات دون ان تدري‏,‏ وقد شكرت المازني علي النصيحه وانصرفت ولم التق به بعدها‏
‏في سنه‏1949‏ توفي المازني‏,‏ وفي نفس السنه اصدر نجيب محفوظ روايته المهمه بدايه ونهايه وهي روايه غارقه في الواقعيه التي كانت نصيحه المازني لنجيب محفوظ هي ان يبتعد عنها‏,‏ وبعد بدايه ونهايه صدرت الثلاثيه بين القصرين قصر الشوق السكريه وكانت هذه الثلاثيه قمه في الفن الواقعي‏,‏ وقمه في ادب نجيب محفوظ‏,‏ وقمه في ادب الروايه العربيه كلها منذ ان ظهرت الروايه العربيه في اوائل القرن الماضي وحتي الان‏

بقلم : رجاء النقاش

13‏/10‏/2008

جوانب من عادات محفوظ في الكتابة


يعد محفوظ من الكتاب المصريين القلائل الذين يعدون سجلا دقيقا لكل شخصية وتطورها النفسي والعقلي وعلاقتها بمن حولها قبل بدء الكتابة
وبعد الإنتهاء من الكتابة كان هذا »الكنز« ـ الذي يمكن أن يفسر جانبا من سيكولوجيا الكاتب ـ يذهب إلى »الزبالة« على حد قوله، ويقول محفوظ لو كنت احتفظت بالمسودات وبالدراسات الشخصية لكل أبطال أعمالي كنت أحتاج بيتا آخر أحفظها فيه
وكان سيدر علي ثروة هائلة

وهنا يشير محفوظ إلى بعض ما يواجه الكاتب المصري من عقبات حيث يضطر لامتهان أعمال ربما لا يرضى عنها ليضمن مستوى لائقا من العيش أو يعمل موظفا يصارع بعد أوقات العمل كي يكتب

وظل محفوظ موظفا بوزارة الأوقاف إلى أن أحيل إلى التقاعد في سن الستين وكان مثالا للموظف
الملتزم، ويقول ان الوظيفة ليست إلا أكل عيش وتأمينا لحياتي


سلسلة كتب عن عالم نجيب محفوظ

10‏/10‏/2008

كيف بدا نجيب محفوظ في ايامه الاخيرة؟


ادهشتني قدرة نجيب محفوظ الذهنية بعد ان تخطى التسعين

اسعدني الحظ بحضور احدى ندواته في العام الماضي، والتي شارك فيها مجموعة من محبي الاديب العملاق ومريديه في احد الفنادق بالقاهرة، جلست بالقرب منه لاتمكن من التحدث اليه نظرا لانه كان يعاني من ضعف واضح في السمع


حاولت ان اعرف رأيه في مسائل تثير جدلا واسعا في مصر مثل موضوع توريث الحكم، او طبيعة العلاقة بين مصر والولايات المتحدة فوجدت انه يعطي اجابات دبلوماسية غير واضحة لانه ببساطة لا يريد ان يثير مشكلة مع احد في ايامه الاخيرة

وجدته في هذا العمر قادرا على الاستيعاب واختيار ما يريد ان يتحدث عنه، وما يريد تجنبه

بل عرفت من صحفيين مشاركين في اللقاء انه يخصص جلسات للكتاب اليساريين واخرى لليبراليين لكي يتجنب ان تتحول جلساته، التي يسعى اليها الكثيرون باعتباره قيمة ورمزا ادبيا كبيرا، الى ساحة للخلاف السياسي

ونظرة سريعة لمن شاركوا في هذا اللقاء توضح الثقل الكبير لمحفوظ محليا ودوليا، فقد كان من بينهم صحفي امريكي يقوم بترجمة اعماله، وصحفي مصري يجمع ما يقوله محفوظ في لقاءاته ليصدرها في كتاب، وآخر من احدى وكالات الانباء الاجنبية يكتب تقريرا عنه، وباحث يعد دكتوراه عن ادب محفوظ، وكوكبة من المعجبين والمحبين من مختلف الاعمار

ادهشني ايضا قدرته على متابعة الاحداث، فقد كان بعض مرافقيه يقرأون عليه مقالات من الصحف والمجلات تتناول عرضا او تحليلا لاعماله، كما تتناول احداثا جارية هامة، وكانت تعليقاته مختصرة، ماقل ودل

تعجبت ان محفوظ لم يتخل عن عادته في شرب القهوة والتدخين بعد ان تخطى التسعين، رأيته يتناول رشفة او رشفتين من فنجان القهوة ثم يتركه ليدخن سيجارة

محمود القصاص
بي بي سي ارابيك دوت كوم

رجل مصنوع من الحروف الموسيقية




لو أن التهذيب تجسد آدميا لكان اسمه نجيب محفوظ، ولو أن الحكمة نزلت من عليائها بحثا عمن يستحق صداقتها على الأرض لحلت ضيفا عليه، ولو أن الرقة اختارت لنفسها اسم شهرة لكان هو اسمه، أما العذوبة فلابد أنها كانت تشعر منه بالغيرة لثقتها أنه أكثر منها عذوبة

أفكر في أن الحياة تألمت وهي تفارقه، وأفكر في أنه أقنعها بابتسامته اللطيفة أنه قدم لها أكثر مما قدمه شخص آخر وأن عليها أن تتركه يرحل في هدوء. بالتأكيد هي كانت علي ثقة أنه يتركها أفضل حالا مما كانت عليه يوم جاء إليها، لا شك أن الحياة تعرف بخبرتها الطويلة أن العظماء فقط يتركون الدنيا أفضل مما كانت عليه قبل أن تعرفهم، ونجيب كان عظيما

لست أتكلم عن إبداعه، أتكلم عن الرجل مع صعوبة الفصل بينهما

لم يحدث يوما ما أن قال كلمة واحدة تدل علي أنه مزهو بنفسه أو بما يكتبه، ولم يحدث قط عندما كان يهاجمه مهاجم متعديا كل الحدود، لم يحدث أن حاول تنبيهه إلي خطأه علي طريقة.. تنبه، مع من تتكلم. أذكر أنه بعد عقد اتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية، جاء أحد النقاد الأيديولوجيين وهاجمه بضراوة بعد أن أعلن عن رأيه وهو أن الاتفاقية تحمل لمصر خيرا كبيرا، وجاءت لحظة قال فيها كلمة لا أنساها: ناقشني.. ما تشتمنيش

جملته كانت أشبه بالقنبلة، وكأنها توصيف بليغ لحالة الثقافة والمثقفين في مصر، الضغط العصبي الشديد أنساهم وظيفتهم وما خلقوا من أجله كل الأمور كان يأخذها علي محمل الجد، حتي الأسئلة التي تظنها تافهة لا يجب أن توجه لشخص في مكانته وخاصة أنه كان يسمع بصعوبة، أي أن سماعها والرد عليها كان يتطلب منه جهدا شاقا، سأعطيك مثالا لواحد من هذه الأسئلة التي أشعرتني بالغيظ : استاذ نجيب.. ما رأيك في الحياة؟

السائل كان شابا صغير السن من باكستان، لم نتصور أنه سيرد علي السؤال وربما رد عليه بضحكة كما كان يفعل أحيانا، غير أنه صمت طويلا وقد غرق في التفكير ثم قال بابتسامة: هي تجربة رائعة

أمر جميل أن يتعامل الإنسان مع الحياة بوصفها تجربة والأجمل أن يراها تجربة رائعة

علي سالم

07‏/10‏/2008

التصوف


سالت الاستاذ نجيب محفوظ عن التصوف الذي قرا فيه كثيرا والذي كان له تاثير واضح في بعض جوانب انتاجه الادبي‏,‏ فقال‏:‏ لقد اخذت التصوف في البدايه علي انه ادب روحي رفيع لكني تاثرت به تاثرا خاصا‏,‏ فالتصوف بالنسبه لي لم يجعلني انفصل عن الحياه او ازهد فيها‏,‏ بل العكس جعلني اتخذ من تربيته الروحيه وسيله لتحسين علاقتي بالحياه ومن ثم بالناس وبالعمل‏.‏
قلت‏:‏ لكن التصور السائد عن التصوف هو انه وسيله للزهد في العمل وفي الحياه‏.‏

قال‏:‏ هذا صحيح‏,‏ فهناك من الناس من ينسحبون تماما من الدنيا الي غيبيات التصوف‏,‏ لكن بالنسبه لي فقد اعانني التصوف علي مواصله الحياه والتعامل مع تقلباتها‏.‏
قلت‏:‏ لقد اثر التصوف ايضا في كتاباتك‏.‏

قال‏:‏ لقد اثر في بعض المضامين التي حوتها اعمالي وكذلك في بعض الاساليب‏,‏ وقد ظهر ذلك بشكل واضح في روايات الطريق وثرثره فوق النيل وليالي الف ليله وملحمه الحرافيش‏,‏ وفي هذه الاعمال كان التصوف موجها ايضا نحو الحياه ولم يكن هروبا من الحياه‏.‏

بقلم ‏:‏ محمد سلماوي
قضايا و اراء

عبقريه نجيب محفوظ


علي الرغم من كثره ما كتب وقيل عن نجيب محفوظ فلا يزال هناك الكثير من الاسرار والخفايا في حياته وادبه وفكره لم تكتشف بعد‏,‏ وسوف ينشغل النقاد والباحثون طويلا في البحث والدراسه لاكتشاف سر عبقريته‏.‏

ذلك لانني اعتقد ان عبقريه نجيب محفوظ من النوع النادر الذي يجمع كل شئ في الحياه بمقدره عجيبه‏..‏ فهو يجمع بين الالتزام الدقيق بقيود الوظيفه الحكوميه وبين حياه الحريه والانطلاق‏,‏ ويجمع بين الايمان بالعلم والماده‏,‏ وبين اليقين الصوفي‏,‏ ويجمع بين الكبرياء والتواضع‏,‏ وبين حياه الوحده والانطواء وبين التواصل مع مجموعات من الاصدقاء تمثل شبكه واسعه جدا وكل مجموعه من نوعيه مختلفه عن الاخري ولها موعد ثابت للقاء‏.‏

ويجمع ايضا بين الانشغال بالقراءه والكتابه بانتظام شديد وبين ترحيبه بكل من يقصده من الادباء والصحفيين ومن الشباب الذي يعاني من تعالي وتجاهل انصاف الادباء والنقاد‏..‏

هو عالم واسع‏,‏ وغامض في كثير من جوانبه‏,‏وان كان كما يبدو واضحا وبلا اسرار‏.‏ ويكفي انه عاش حتي الخمسين وهو ينكر انه متزوج ولا احد حتي من اصدقائه المقربين يعلم انه متزوج ولديه بنتان‏..‏ الي ان قرر هو الاعلان ووجد انه لن يستطيع ابقاء حياته الخاصه في الظل لان الاضواء اصبحت تغمره من كل جانب‏

بقلم : رجب البنا
قضايا و اراء

دخول نجيب محفوظ العالميه من باب الفلسفه


اتذكر انه قبل منتصف الستينيات كنا نسال اساتذتنا ابان الدراسه الجامعيه للفلسفه عن ادب نجيب محفوظ وهل تاثر بالفلسفه كواحد من ابنائها فكانت اجاباتهم‏;‏ نجيب محفوظ في مقدمه الروائيين العرب تاثرا بالفلسفه‏,‏ وقد اعد نفسه بالفعل لمواصلتها حين اختار فلسفه الجمال موضوعا للماجستير‏,‏ لكنه توقف في منتصف الطريق واتصور الان ان هذا التوقف كان نتيجه للصراع القائم بين الفلسفه كعلم تفوق فيه‏,‏ والادب كفن سيطر علي كل اقطار نفسه‏,‏ ولعله عبر عن ذلك في قوله‏:‏ احسست ان علي ان اختار بين الفلسفه والادب‏,‏ فقطعت العمل في الفلسفه وانا في منتصف الطريق‏,‏ اذ احسست ان كل تقدم في هذا العمل الفلسفي‏,‏ يزيد من حده التمزق المولم في نفسي بين الفلسفه والادب‏.‏

لكن علي الرغم من ذلك‏,‏ فقد بقي في نفسه شئ من الفلسفه يجعله يميل الي التامل والرويه‏,‏ وينحي عن ذهنه طغيان الاراء الشائعه‏,‏ ولا يستسلم للاوهام‏,‏ فكان بذلك يسلك الطريق الصحيح للفلسفه ونعني به اخضاع كل شئ لشرعه العقل‏.‏ وهكذا لم يستطع الهروب من الفلسفه الي الادب
الا ليعود اليها

بقلم : سامح كريم
‏قضايا و اراء

05‏/10‏/2008

الفتوات


يقول محفوظ عن الفتوات و المقاهي أيام صباه
ترجع ذكرياتي عن الفتوات إلى منطقة الحسين، كان من المعروف في صغري أن لكل حارة، أو حيّ، فتوّة. شفت الفتوات في نوعين من الحوادث، أولا .. الزفةّ، كانت الزفة تبدأ بعد منتصف الليل. أصحى من النوم على واحد بيغنّي و الصهبجية يردّوا وراءه، و حملة الفوانيس، يمرّون من أمام قسم البوليس في ميدان بيت القاضي، يظهرون من حارة معينة. غالبا في الزفة يحدث أن يعترضها فتوات، لأنه لو فيه ثارات قديمة، تصبح هذه أحسن فرصة للثأر. الفرح ينقلب إلى نكد، شفت زفة تنقلب إلى خناقة دموية أمام القسم
النوع الثاني، كان الفتوات يتفقوا على الخروج إلى الخلاء، فتوة العطوف مثلا مع فتوة قصر الشوق، للخناق، لكل فتوة له رجاله، يشيلو المقاطف المليئة بالطوب و الزجاجات، و يتجهون كلهم إلى الخلاء… و بعد أن يحطم كل منهم الآخر كنت أرى النتيجة، السيارات تحملهم إلى قسم الجمالية، تحرر لهم المحاضر ثم تجيىء عربات الإسعاف

عونيات

ذكريات رمضان


يقول الاديب نجيب محفوظ -الحاصل على جائزة نوبل- عن نفسه ولدت يوم الاثنين في البيت رقم (8) شارع ميدان القاضي في الجمالية في الحسين ويطل على درب قرمز ويؤدي الى سيدنا الحسين الذي انتقلنا منه فيما بعد الى حي العباسية. كان ملعبي في حي الحسين من السابعة وحتى العاشرة، وبيت القاضي هو الذي شهد حبو الطفولة وبواكير الصبا صار بطابعه الخاص محفورا في ذاكرتي، جدران المنازل شيدت من أحجار ضخمة تعبر عن صلابة عصر وقوة بنيان، ويبدو الميدان في فرح مستمر طوال شهر رمضان مزين بالأعلام والزينات والافراح، المنازل في الحي تفتح احواشها للناس، وتأتي بالمنشدين الذين كانوا يقيمون ما كان يسمى بالتوليد النبوي وهو مثل حلقات الذكر تنشد فيه قصائد المديح في النبي، وكنا نستمع لهذه الحلقات
ذكريات رمضان تعني الحرية والسماح من أهلنا كي نلعب في الشارع بالفانوس وتناول سائر المأكولات والحلويات. وفي آخر أيام رمضان اشترك في صنع الكعك حيث كنت أساعد والدتي في نقشه
ويواصل محفوظ ذكرياته عن رمضان وكيف انه كان فرصة بالنسبة إليه للاقتراب من عالم المتصوفة الذين احبه لكنه رفض منهجه في رفض الحياة، لأن محفوظ يحب الحياة
ويضيف: أما رمضان في رواياتي فقد شغل مساحة لابأس بها في بعض أعمالي أهمها الثلاثية، وخان الخليلي، بل أعتبر ما كتبته في الثلاثية كان بعين الطفل محفوظ وليس الشاب أو الرجل، وفي خان الخليلي عن رمضان برؤية الموظف محفوظ.. ويبقى رمضان له طابع خاص بصور الاحتفالات التي تمتلئ بها لياليه وأيضا لها مذاقها الخاص سواء الدينية أو الترفيهية أو الاثنين معا، فهي مبعث البهجة والسرور للجميع

أفاق ثقافية-عكاظ

04‏/10‏/2008

ابراهيم عبد العزيز وسيره نجيب محفوظ



يمضي ابراهيم عبد العزيز مع صفحات كتابه المحتشده بالماده الوفيره عن نجيب محفوظ‏,‏ عاكفه علي سيره حياته‏,‏ لم يترك فيها شارده ولا وارده‏,‏ وانما جمعها بداب وحرص شديدين من كل المصادر والمراجع‏,‏ ومن بينها حواراته الشخصيه مع نجيب محفوظ ومع الاخرين‏,‏ ثم صنف مصادر كتابه‏,‏ وجعل كاتبنا الكبير يحكي عبر الصفحات‏,‏ وطبقا لما جاء في هذه المصادر عن طفولته وصباه واحلامه‏,‏ وبيته‏,‏ وعن رمضان شهر الحريه‏,‏ وعن طبقته الوسطي‏,‏ واسعد اوقاته‏,‏ وعن شقاواته‏,‏ ويوم ان بكي‏,‏ وعن حنان امه‏,‏ واسرع هداف في زمانه‏,‏ وعن شبابه وجهاد نفسه‏,‏ وفضل مدرس اللغه العربي‏,‏ وافكاره الكاريكاتوريه‏,‏ وكيف انه لو لم يكن كاتبا لاصبح مغنيا‏,‏ واخطر مرحله في حياته‏,‏ وعن توفيق الحكيم معلم الجميع‏,‏ ونبوءه العقاد‏,‏ والمربي الادبي له‏,‏ والافلاس‏,‏ والشك‏,‏ والقصص القراني‏,‏ والسكرتير البرلماني‏,‏ ومندوب السفاره البريطانيه‏,‏ وحكايته مع الثوره وعبد الناصر‏,‏ وكيف انه يمثل جيل النكسات‏,‏ وكيف قرا عبد الناصر الثلاثيه‏,‏ وغيبه الوعي‏,‏ ومظاهرات الطلبه‏,‏ واسوا مورخ‏,‏ ورفضه مقابله حسن البنا‏,‏ والتلاعب بالدرجات العلميه‏,‏ ودفاعه عن اساتذه الجامعه‏
‏ وانه لايعترف الا بالفصحي‏,‏ ودلال الالهام‏,‏ وعن النقد معه وضده‏,‏ وعلي المقهي‏,‏ وعن حبه وزواجه‏,‏ وابنتيه‏,‏ وشارع النساء‏,‏ وجائزه نوبل والسوال الخبيث‏,‏ ومتاعب ما بعد نوبل‏,‏ واحلام ليست للنشر‏,‏ وارذل العمر‏,‏ والعدل والديمقراطيه‏,‏ وزوجي نجيب محفوظ‏,‏ قلت ان ابراهيم عبد العزيز لم يترك شارده ولا وارده‏,‏ مضيفا بهذا الكتاب حلقه ضخمه ومهمه في سلسله الكتب التي قدمت لنا نحن القراء نجيب محفوظ الانسان والمبدع‏,‏ واقترب اصحابها منه فكانوا موضع ثقته وفضفضته وذكرياته‏.‏ صحيح ان النقد الادبي لم يعد يقيم وزنا كبيرا لما يقوله المبدع عن نفسه‏,‏ علي اساس ان اعماله الابداعيه وحدها هي محل الاهتمام‏,‏ لكن تظل لهذه الحكايات والاسرار والتفاصيل الصغيره اهميتها في الكشف عن السياق الذي دارت فيه حياه المبدع وولدت من خلال كتاباته‏.‏ وابراهيم عبد العزيز بهذا الكتاب الجميل‏,‏ الذي لابد ان اعداده استغرق جهدا هائلا وزمنا طويلا يضيف الي كتبه واصداراته السابقه عن توفيق الحكيم ويحيي حقي وطه حسين والدكتور حسين فوزي وصبري العسكري وغيرهم‏,‏ التي لابد من قراءتها وتاملها والاستمتاع بها‏,‏ باعتبارها مراجع ومصادر اساسيه لمعرفه هولاء
الكبار حق المعرفه والوعي بكتاباتهم وابداعاتهم في ضوء هذه المعرفه الكاشفه‏.‏

لقد اتسعت حياه نجيب محفوظ‏,‏ وامتدت طولا وعرضا وعمقا‏,‏ حتي تجاوز التسعين‏,‏ متيحه للعاكفين علي سيرته وابداعه ماده حيه نادره‏,‏ لن يتوقف صدورها خلال ايامنا والايام القادمه‏,‏ وهو بعض من عطر الخلود‏.‏

بقلم : فاروق شوشه